وجماعةً توقّـفوا ...
فمن الناس من حكم بالكفر ، لا على الّذين أجابوا وحسب ، بل حتّى على مَن توقّف ، فقد ذكروا أنّ المحاسبي الزاهد العارف ، شيخ الصوفية ، خلّف له أبوه مالاً كثيراً ، فتركه ، وقال : لا يتوارث أهل ملّتين ، لأنّ أباه كان من المتوقّفين في مسألة خلق القرآن (١).
وأحمد بن حنبل ، قال عن يعقوب بن شيبة ، صاحب المسند الكبير : «مبتدع ، صاحب هوىً» فقال الخطيب : «وصفه أحمد بذلك لأجل الوقف» (٢).
وترك الناس كلّهم حديث إسحاق بن أبي إسرائيل ـ من رجال البخاري وأبي داود والنسائي ـ لكونه من الواقفة في مسألة خلق القرآن (٣).
وأمّا الّذين أجابوا .. فقد حكم عليهم بعضهم بالارتداد ، ودافع عنهم آخرون حاملين ذلك منهم على التقيّة!! حفظاً لماء وجههم ، وكرامةً لصحاحهم ؛ لكونها قد أخرجت أحاديثهم ...
كعليّ بن المديني ، الذي وصفوه بأمير المؤمنين في الحديث ، فإنّه قد أجاب ، وقبل الأموال على ذلك ، فكثر الكلام حوله ، بين طاعنٍ فيه وبين مدافعٍ عنه .. قال إبراهيم بن عبـ دالله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين وذُكر عنـده علي بـن المديـني فحملوا علـيه ، فقلت : مـا هـو عنـد الناس إلاّ مرتدّ ، فقال : ما هو بمرتدّ ، هو على إسلامه ، رجل خاف فقال (٤).
____________
(١) حلية الأولياء ١٠ / ٧٥.
(٢) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٥٠.
(٣) سير أعلام النبلاء ١١ / ٤٧٧.
(٤) سير أعلام النبلاء ١١ / ٥٧.