تشيّع» .. لكنّ عبيـدالله بن موسى وأبا نعيم ومشايخ البخاري الكوفيّـين كانت عقيدتهم فوق عقيدة أبي غسّان ، وإلاّ لَما قال البخاري كذلك ، فكيف يكونون إنّما ينالون «من معاوية وذويه» فقط؟!
كلاّ! ليس الأمر كذلك ، وممّا يشهد لِما قلناه ، تصريح غير واحدٍ منـهم بأنّ محـدثي الكوفـة كانوا يقدّمون عليّـا على عثمان ، وقد ذكر الذهبـي أيضـا ذلـك ، وعـدد أسماء بعضهم ، وفيهم «عبـيدالله بن موسى» و«عبـد الرزّاق بن همّام» (١).
وجاء بترجمة «عبـد الرزّاق» : «قلت لعبـد الرزّاق : ما رأيك أنـت؟! ـ يعـني في التفضـيل ـ قال : فأبى أن يخـبرني ، وقال : كان سفيان يقول : أبـ وبكر وعمر ، ويسكت. ثـمّ قال لـي سـفيان : أُحبّ أن أخلـو بأبي عروةـيعـني مع ـ مراً ـ فقل ـ نا لمعـمر فقال : نـعم ؛ فخلا بـه ، فلمّا أصبح ، قلت : يـا أبـا عـروة! كيف رأيـته؟ قال : هو رجلٌ ، إلاّ أنّـه قلّـما تكاشف كوفـياً إلاّ وجدت فيه شيئاً ـ يريد التشيّع ـ ثمّ قال عبـد الرزّاق : وكان مالك يقول : أبو بكر وعمر ، ويسكت. وكان معمر يقول : أبو بكر وعمر وعثمان ، ويسكت ، ومثله كان يقول هشام بن حسّان» (٢).
فمن هذا يُعرف حال عبـد الرزّاق بن همّام ، وحال أهل الكوفة ، ومنه يفهم أنّ المعنى الصحيح للتشـيع هو ما ذكرناه ، وإلاّ لَما قال ابن عيينة في عبـد الرزّاق : «أخاف أنْ يكون من الّذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا» (٣).
وإلاّ لَما قيل بترجمة «اليامي» : «من أهل الكوفة الّذين لا يحمدون
____________
(١) ميزان الاعتدال ٢ / ٥٨٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ٩ / ٥٦٩.
(٣) سير أعلام النبلاء ٩ / ٥٧١.