هيهات ، لقد حنّ قدح ليس منها ، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها!
ألا تربعـايّها الإنسان ـ على ظَلْعِك ، وتعرف قصور ذرعك ، وتتأخّر حيث أخّرك القدر؟! فما عليك غلبة المغلوب ، ولا لك ظفر الظافر ، وإنّك لذهّاب في التيه ، روّاغ عن القصـد.
ألا ترى ـ غير مُخبِرٍ لك ، ولكن بنعمة الله أُحدّثـانّنا قد فزنا على جميع المهاجرين كفوز نبيّنا محمّـد صلى الله عليه وآله وسلم على سائر النبيّين؟!
أَوَلا ترى أنّ قوماً استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار ولكلٍّ فضل ، حتّى إذا استشهد شهيدنا قيل : سيّد الشهداء ، وخصّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه ، ووضعه بيده في قبره؟!
أَوَلا ترى أنّ قوماً قُطّعت أيديهم في سبيل الله ولكلٍّ فضل ، حتّى إذا فُعل بواحدنا ما فُعل بواحدهم قيل : الطيّار في الجنّة وذو الجناحين؟!
أَوَلا ترى أنّ مسلمنا قد بان في إسلامه كما بان جاهلنا في جاهليّته ، حتّى قال عمّي العبـاس بن عبـد المطّلب لأبي طالب :
أبا طالب! لا تقبل النَصف منهم |
|
وإنْ أنصفوا حتّى نُعقّ ونُظلما |
أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت |
|
ْصوارم في أيماننا تقطر الدما |
تركناهم لا يستحلّون بعدهـا |
|
لذي حرمةٍ في سائر الناس مُحْرَما (١) |
ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّة ، تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجّها آذان السامعين.
____________
(١) أوردها ابن عساكر في تاريخه ٢٦ / ٢٨٥ وزاد عليها غيرها ، وفي تصحيفات المحدثين : ١٣٩ ذكر البيت ـين الأوّلي ـين.