فدع عنك يابن هند من قد مالت به الرمِيّة! فإنّا صنائع ربّنا ، والناس بعد صنائع لنا ، لم يمنعنا قديم عزّنا ، ولا عاديُّ طَوْلنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا ، فنكحنا وأنكحنا فعل الأكفاء ، ولستم هناك ..
وأنّى يكون ذلك كذلك؟! ومنّا المشكاة الزيتونة ومنكم الشجرة الملعـونـة ، ومـنّا النـبـي ومنكـم المكـذّب ، ومـنّا أسـد الله ومنكـم طـريـد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومنّا هاشم بن عبـد مناف ومنكم أُميّة كلب الأحلاف ، ومنّا الطيّار في الجنّة ومنكم عدوّ الإسلام والسُـنة ، ومنّا سيّدا شباب أهل الجنّة ومنكم صبية النار ، ومنّا خير نساء العالمين بلا كذب ومنكم حمّالة الحطب ، في كثير ممّا لنا وعليكم.
فإسلامنا ما قد سُمع وجاهليّتكم لا تُدفع ، والقرآن يجمع لنا ما شذّ عنّا ، وهو قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (وأُولو الأرحام بعضهم أَوْلى ببعض في كتاب الله) (١) وقوله تعالى : (إنّ أَوْلى الناس بإبراهيم لَلّذين اتّبعوه وهذا النبيّ والّذين آمنوا والله وليّ المؤمنين) (٢) فنحن مرّة أَوْلى بالقرابة وتارة أَوْلى بالطاعة.
ولمّا احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلجوا عليهم ، فإنْ يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم ، وإنْ يكن بغيره فالأنصار على دعواهم.
وزعمتَ أنّي لكلّ الخلفاء حسدت ، وعلى كلّهم بغيت ، فإنْ يكن ذلك كذلك فليس الجناية عليك فيكون العذر إليك.
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
____________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٧٥.
(٢) سورة آل عمران ٣ : ٦٨.