وقلـت : إن كنتُ أُقاد كمـا يُقاد الجمل المخشوش حتّى أُبايع .. ولعَمر الله لقد أردتَ أن تذُمَّ فمدحتَ ، وأن تفضح فافتضحت. وما على المسلم من غضاضة في أنْ يكون مظلوماً ما لم يكن شاكّاً في دينه ، ولامرتاباً بيقينه ، وهذه حجّتي إلى غيرك قصدها ، ولكنّي أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذِكرها ...» (١).
فهـو عليه السلام يفضّ ـ ل ذوي القـربـى الّذيـن آزروا النبـي صلى الله عليه وآله وسلم وفادوه بأرواحهم وبكَلِّهِم على جميع المهاجرين والأنصار ، وذلك لكونهم أَوْلى بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رحماً ، وأشدّ الناس متابعة ونصحاً وطاعة ونصرة له ، كما تشير إليه الآيتان اللتان استشهد عليه السلام بهما ، ومن ثمّ قدّم القرآن ذوي القربى مصرّحاً في آية الفيء بقوله تعالى : (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه وللرسول ولذي القربى و...).
وكذلك في آية الخمس ، قال تعالى : (واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إنْ كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبـدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كلّ شيءٍ قديرٌ) فخصّ تعالى ذوي القربى بالمقام بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وقرنهم به وبذاته المقدّسة دلالة على تشريفهم ولزوم طاعتهم وأحقّيّتهم بالأمر دون غيرهم ..
فكرّر اللام التي للاختصاص وملكية التصرّف لذاته تعالى ولرسوله ولذي القربى دون غيرهم ، دلالة على منصب ذوي القربى الخاص في الولاية على الأموال والأُمور العامّة.
____________
(١) نهج البلاغة : الكتاب ٥٩ ، وقد ذكر للكتاب ولبعض ما ورد فيه مصادر أُخرى عديدة من كتب الفريقين. وهو برقم ٢٨ في الطبعة المعروفة.