إنّ قريشاً قد أضلّت أهل دهرها ومن يأتي من بعدها من القرون ؛ ألم يسمعوا ـ ويحهم ـ قوله تعالى : (والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتُهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم) (١)؟! فأين المعدل والمنزع عن ذرّيّة الرسول ، الّذين شـيد الله بنيانَهم فوق بنيانِهم ، وأعلى رؤوسَهم فوق رؤوسِهم ، واختارهم عليهم؟!
أين الّذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا وحسداً لنا أن رفعنا الله سبحانه ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم؟! بنا يستعطى الهدى لا بهم ، وبنا يستجلى العمى لا بهم.
إنّ الأئمّة من قريشٍ ، غُرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سـواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم ...
والهجرة قائمة على حدّها الأوّل ما كان لله تعالى في أهل الأرض حاجة من مستسرّ الأُمّة ومعلنها ، ولا يقع اسم الهجرة على أحد إلاّ بمعرفة الحجّة في الأرض ؛ فمن عرفها وأقرّ بها فهو مهاجر ، ولا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجّة فسمعتها أُذنه ووعاها قلبه ...».
ثمّ ذكر عليه السلام ضلال الخوارج والثواب الخاصّ في مقاتلتهم ، وقال : «أتراني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! والله لأنا أوّل من صدّقه فلا أكون أوّل من كذب عليه.
وأنا الصدّيق الأكبر ، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر ، وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر ، وصلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يصلّي معه أحد من النـاس.
____________
(١) سورة الطور ٥٢ : ٢١.