أنا صفيّ رسول الله وصاحبه ، وأنا وصيّه وخليفته من بعده.
أنا ابن عمّ رسول الله ، وزوج ابنته ، وأبو وُلده.
أنا الحجّة العظمى ، والآية الكبرى ، والمثل الأعلى ، وباب النبيّ المصطفى.
أنا وارث علم الأوّلين ، وحجّة الله على العالمين بعد الأنبياء ومحمّـد خاتم النبيّـين ، أهل موالاتي مرحومون ، وأهل عداوتي ملعونون ..
لقد كان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يقول : يا عليّ! حبّك تقوىً وإيمانٌ ، وبغضك كفرٌ ونفاقٌ ، وأنا بيت الحكمة وأنت مفتاحه ، كذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك ...» (١).
فها هو عليه السلام بعد أن بيّن أفضلية أهل البيت عليهم السلام على سائر قريش يذكر ضابطة الهجرة والمهاجر ، وهي معرفة الشخص الذي هو حجّة الله في أرضه ، وهي الضابطة نفسها المتقدّمة في كلام الصدّيقة الزهراء عليها السلام بأنّ الهجرة إنّما هي بالهجرة إليهم ، إلى أهل البيت عليهم السلام ، لا الابتعاد عنهم ، فالهجرة إلى المدينة ـ اضافة لكونها مقام النبيّ وآله صلوات الله عليهمـهي هجرة إلى نور الله تعالى ومصابيح هدايته ، وهو محمّـد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته من بعده ، وإنّ الهجرة تكليف شرعي باقٍ ببقاء الشريعة ؛ لأنّ معرفة حجّة الله تعالى في أرضه مفتاح أبواب الشريعة.
وهذا خلاف ما يزعمه أهل سـنة الجماعة من أنّ لا هجرة بعد الفتح ، وسنشير في ما يأتي إلى دلالة الآيات على بقاء الهجرة والنصرة ، وملازمة ذلك ؛ لكون مدار الهجرة والنصرة هو : الهجرة إلى أهل البيت عليهم السلام
____________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ٢١ ، وقد ذكر للخطبة ولبعض ما ورد فيها مصادر أُخرى عديدة من كتب الفريقين.