حقّها إلاّ ما شاء الله ...» (١).
ويشـير عليه السلام إلى أنّ مدار فضيلة الصـحبة ومقامها متحقّق فيه عليه السلام بأرفع درجاتها ، بنحو لا يدانيه بقيّة الصحابة ..
وبيان ذلك : إنّه قد اشتهر عند أهل سـنة الجماعة الاستدلال لحجّـية الصحابة وقول الصحابي وفِعله ، لا سيّما من عاشر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مدّة مديدة ، لا سيّما جماعة السقيفة ، الّذين وطّدوا الأرضية لبيعة أبي بكر ، ومن ناصرهم على ذلك ، ولا سيّما أبي بكر وعمر ، بأنّ الصحابة هم الّذين حملـوا علـم الديـن عن رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخالطوه ، وهم أعلم بأقوال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأفعاله ومراده ، وهم الّذين تربّوا بتربية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واهتدوا على يديه وأطاعوه وتابعوه ، فهم أقرب الخلق إليه ، فهم حملة الدين إلى الناس والقرون اللاحقة ، وحملة سـنة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحفّاظها ووعاتها والمؤدّين عنه ، وبما نقلوه كمال الدين ، وثبات حجّة الله عزّ وجلّ على العباد ، فهـم الواس ـ طة بين النبـي وأُمّ ـ ته ، فإنّ الرسول حقّ ، والقرآن حقّ ، وما جاء به حقّ ، وإنّما أدّى إلينا ذلك كلّه الصحابة ؛ لأنّهم الّذين ناصروا النبيّ على عدوّه وآزروه ، فهم المؤتمنين على دينه.
والناظر المتدبّر في هذه الصفات التي أوجبوا بها حجّيّة الصحابة ، أو حجّيّة الشيخين ـ على إجمال وترديد إبهام ما يرمي إليه أهل سـنة الجماعة من معنى الحجّيّة كما أشرنا إليه مراراً في هذه الحلقات من كون الحجّيّة بمعنى العصمة والإمامة الإلهيّة ، أو بمعنى العدالة وحجّيّة فتوى المجتهد والفقيه ، أو بمعنى وثاقة وحجّيّة خبر الراويـيلاحظ أنّ هذه الصفات
____________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٩ ، وقد ذكر للخطبة ولبعض ما ورد فيها مصادر أُخرى عديدة من كتب الفريقين.