فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ، هم أحلم الناس كباراً ، وأعلمهم صغاراً ، إنّهم لا يدخلونكم في ردى ، ولا يخرجوكم من باب هدى ، فاتّبعوا الحقّ وأهله حيث كانوا ...
الآن إذ رجع الحقّ إلى أهله ونقل إلى منتقله ...» (١).
وقال في الخطبة القاصعة المعروفة ، التي أنشأها لبيان أنّ كفر إبليس هو كفر جحود لولاية وليّ الله تعالى ، وهو آدم عليه السلام ، وعدم انقياد له ، وأنّ كلّ أبواب التوحيد وأركان فروع الدين تنتهي إلى ولاية وليّ الله تعالى :
«ألا وإنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة ، وثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأحكام الجاهلية ، وإنّ الله سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه الأُمّة ، في ما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي يتنقّلون في ظلّها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ؛ لأنّها أرجح من كلّ ثمن ، وأجلّ من كلّ خطر.
واعلـموا أنّكم صـرتم بعد الهـجرة أعرابـا ، وبـعد الموالاة أحزابـا ، مـا تتعلّقون من الإسلام إلاّ باسـمه ، ولا تعرفون من الإيمان إلاّ رسـمه» (٢).
فقد جعل عليه السلام المدار في الهجرة هو : السير والانتقال مع ولاية وليّ الله تعالى ، وهو الإمام من أهل البيت عليهم السلام ، والإعراض عنه تعرّب ؛ فبالموالاة والنصرة يقع عنوان الهجرة ، وبالتحزّب والتفرّق عن الموالاة يقع عنوان التعرّب ، وكلامه عليه السلام يقضي بأنّ عنوان الهجرة وصف قابل للزوال عن الشخص ، وهذا اللازم قـهـري بعد عدم كون الهجرة سفر وانتقال من مكان إلى مكان آخر.
____________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ٣.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ١١.