وضع ضمير الغائب ، وإنّما يقتضي ضمير الغائب تقدّم المفسِّر عليه ؛ لأنّه وضعه الواضع معرفةً لا بنفسه بل بسبب ما يعود عليه ، فإن ذكرته ولم يتقدّم عليه مفسّره بقي مبهماً منكراً لا يعرف المراد به حتّى يأتي مفسّره بعده ، وتنكيره خلاف وضعه» (١).
أمّا ابن عصفور (ت ٦٦٩ هـ) فقد حدّ الضمير بأنّه : «ما عُلّقَ في أوّل أحوالـه على شـيءٍ بعينه في حال غيبةٍ خاصّـةً كـ (هو) ، أو خطابٍ خاصّةً كـ (أنتَ) ، أو تكلّم خاصّـةً كـ (أنا)» (٢).
ولا يرد على هذا الحدّ ما ورد على سابقيه ؛ لأنّه لم يؤخذ فيه عود ضمير الغائب على ذكر متقدّم عليه.
وحدّه ابن مالك بحدّين :
أوّلهـما : أنّه : «الموضـوع لتعيـين مسـمّاه مشعراً بتكلّمه أو بخطابه أو غيبـته» (٣).
«يخرج بذكر (التعيـين) النكرات ، ويخرج بـ (الوضـع) المنادى والمضاف وذو الأداة ، والأشعار بالتكلّم والخطاب أو الغيبة مخرج للعلم واسـم الإشارة والموصـول ؛ لأنّ كلّ واحد منها لا يختصّ بواحدة من الأحوال الثلاث ، بل هو صالح لكلّ واحدة منها على سبيل البدل ، بخلاف المضمر ، فإنّ المشعر فيها بإحدى الأحوال الثلاث لا يصلح لغيرها» (٤).
وقـد أخذ بمضـمون هذا الحـدّ كلّ من ابـن الناظم (ت ٦٨٦ هـ)
____________
(١) شرح الرضي على الكافية ٢ / ٤٠٤ ـ ٤٠٦.
(٢) المقرِّب ، ابن عصفور ، تحقيق عادل عبـد الموجود وعلي مُعوّض : ٢٩٨.
(٣) تسهيل الفوائد : ٢٢.
(٤) شـفاء العليل في إيضاح التسهـيل ، محمّـد بن عيسـى السلسيلي ، تحقيق عبـدالله البركاتي ١ / ١٧٣.