إلى جانبنا ، لا نحن نصرناه بأيدينا ، ولا جادلنا عنه بألسنتنا ، ولا قوّيناه بأموالنا ، ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا.
فما عذرنا عند ربّنا ، وعند لقاء نبيّنا ، وقد قتل فينا ولد حبيبه وذرّيّته ونسله؟! لا والله لا عذر لنا دون أن تقتلوا قاتله ، أو تُقتلوا في طلب ذلك ، فعسى ربّنا أن يرضى عنّا عند ذلك.
أيّها القوم! ولّوا عليكم رجلاً منكم ، فإنّه لا بُدّ لكم من أمير تفزعون إليه ، وراية تحفّون بها.
وقام رفاعة بن شـدّاد ، فقال :
أمّا بعد ..
فإنّ الله قد هداك لأصوب القول ، وبدأت بأرشد الأُمور بدعائك إلى جهاد الفاسقين ، وإلى التوبة من الذنب العظيم ، فمسموع منك ، مستجاب إلى قولك.
وقلتَ : (ولّوا أمركم رجلاً) ، فإن تكن أنت ذلك الرجل تكن عندنا مرضيّاً ، وإن رأيتم ولّينا هذا الأمر شيخ الشيعة وصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وذا السابقة والقدم ، سليمان بن صرد الخزاعي ، المحمود في بأسه ودينه ، الموثوق بحزمه.
فقال المسيّب : قد أصبتم ، فولّوا أمركم سليمان بن صرد (١).
فخطب سليمان ، وقال في جملة كلامه : إنّا كنّا نمدّ أعناقنا إلى قدوم آل بيت نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم نمنّيهم النصرة ، ونحثّهم على القدوم ، فلمّا قدموا ونينا (٢) وعجزنا وأذهلنا حتّى قتل فينا ولد نبيّنا وسلالته ، وبضعة من لحمه
____________
(١) ذوب النضار : ٧٥.
(٢) الوَنَا والوَنْيَةُ : الفَتْرة في الأعمال. المحيط في اللغة ١٠ / ٤٢٦ مادّة «ونى».