سبرة ، وكانت من أجمل النساء وأحبّهنّ إليه ، ولم يكن دخل مع القوم ، فوثب إلى ثيابه فلبسها ، وإلى سلاحه وفرسه .. فقالت له زوجته : ويحك! أجننت؟!
قال : لا ، ولكنّني سمعت داعي الله عزّ وجلّ فأنا مجيبه ، وطالب بدم هذا الرجل حتّى أموت.
فقالت : إلى من تودع بُنيّك هذا؟!
قال : إلى الله ، اللّهمّ إنّي أستودعك ولدي وأهلي ، اللّهمّ احفظني فيهم ، وتبْ علَيّ ممّا فرّطت في نصر ابن بنت نبيّك.
وطافت الخيل تلك الليلة بالكوفة ينادون : «يالثارات الحسـين» ، ونادوا في المسـجد الجامع والناس يصلّون العشاء الآخرة : «يا لثارات الحسـين» (١) ..
وكان في المسجد كرب بن نِمْران يصلّي ، فقال : «يا لثارات الحسين» ، وخرج حتّى أتى أهله فلبس سلاحه ، ودعا بفرسه ليركبه ، فقالت له ابنته : يا أبت! ما لي أراك تقلّدت سيفك ، ولبست سلاحك؟!
فقال : يا بنيّة! إنّ أباكِ يفرّ من ذنبه إلى ربّه. ثمّ خرج فلحق بالقوم.
فلمّا كان من الغد جاء إلى سليمان من الكوفة بقدر من كان معه حتّى صار معه أربعة آلاف ، فنظر في ديوانه وهو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء العسكر ، فوجد أنّ الّذين بايعوه ستّة عشر ألفاً ، وقيل : ثمانية عشر ألفاً ، فقال : سبحان الله! ما وافانا من سـتّة عشر ألفاً إلاّ أربعة آلاف.
وأقام بالنخيلة ثلاثة أيّام يبعث إلى من تخلّف عنه ، فخرج إليه نحو
____________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٥٨٣ ، ذوب النضار : ٨٣ ، بحار الأنوار ٤٥ / ٣٥٨.