في القصب ، ثمّ ارفعها للمسلمين ، وأمر مناديه أن ينادي : «يا لثارات الحسين» ، ثمّ دعا بدرعه وسلاحه فلبسه ، وهو يقول :
قَدْ عَلِمَتْ بَيْضاءُ حَسْناءُ الطُللْ (١) |
|
واضِحَةُ الخَدَّيْنِ عَجْزاءُ الكَفَلْ |
أنّي غَداةَ الرَوْعِ مِقْدامٌ بَطَلْ |
|
لا عاجِزٌ فيها ولا وَغْدٌ (٢) فَشِلْ |
[الرجـز]
ثمّ قال له إبراهيم : إنّ هؤلاء الّذين في الجبابين يمنعون أصحابنا من إتياننا فلو سرت إلى قومي بمن معي فيأتيني كلّ من بايعني من قومي ، وسرت بهم في نواحي الكوفة ، ودعوت بشعارنا لخرج إلينا من أراد الخروج ، فمن أتاك أبقيته عندك ، فإن جاءك عدوّ كان معك من تمتنع به ، فإذا فرغت أنا عجّلت الرجوع إليك؟
فقال له المختار : افعل وعجّل ، وإيّاك أن تسير إلى أميرهم تقاتله ، ولا تقاتل أحداً إذا أمكنك أن لا تقاتله إلاّ أن يبدأك أحد بقتال.
فخرج إبراهيم في الكتيبة التي جاء بها حتّى أتى قومه واجتمع إليه جُلّ من كان أجابه ، فسار بهم في سكك الكوفة طويلاً من الليل وهو يتجنّب المواضع التي فيها الأُمراء الّذين بعثهم ابن مطيع ، فلمّا وصل إلى مسجد السَكون أتاه جماعة من خيل زجر بن قيس ليس عليهم أمير ، فحمل عليهم إبراهيم فكشفهم حتّى أدخلهم جبّانة كندة ، فقال إبراهيم : من صاحب الخيل في جبّانة كندة؟
فقيل له : زجر بن قيس ، فشدّ إبراهيم وأصحابه عليهم وهو يقول : اللّهمّ إنّك تعلم أنّا غضبنا لأهل بيت نبيّك ، وثرنا لهم ، فانصرنا على هؤلاء ،
____________
(١) يقال : حيّا الله طلّك : أي شـخصك.
(٢) الوغد : الدنيّ الذي يخدم بطعام بطنه ؛ وهذا العجز لم يرد في تاريخ الطبري.