وتمّم لنا دعوتنا ، حتّى انتهى إليهم هو وأصحابه ، فكشفوهم ، وركب بعضهم بعضاً ، كلّما لقيهم زقاق دخل منهم طائفة.
فقال إبراهيم لأصحابه : انصرفوا بنا عنهم ..
وسار إبراهـيم حتّى أتى جبّانة أُثَـيْر فوقف فيها ، وتنادى أصحابه بشعارهم ، فأتاه سويد بن عبـد الرحمن المنقري ورجا أن يصيبهم فيحظى بذلك عند ابن مطيع ، فلم يشعر إبراهيم إلاّ وهم معه ، فقال إبراهيم لأصحابـه : يا شُـرطة الله! انزلوا ، فإنّكم أوْلى بالنصـر من هؤلاء الفسّاق الّذين خاضوا في دماء أهل بيت نبيّكم. فنزلوا ، ثمّ حمل عليهم إبراهيم حتّى أخرجـهم إلـى الصـحراء ، وولّـوا منهزمـين يركب بعضهم بعضاً ، وهـم يتلاومون ، فقال قائل منـهم : إنّ هذا الأمـر يراد ؛ مـا يلقون لنا جماعة إلاّ هزموهـم.
فلم يزل إبراهيم يهزمهم حتّى أدخلهم الكناسة ، فقال له أصحابه : اتبعهم فاغتنم ما دخلهم من الرعب.
فقال : ولكن نأتي صاحبنا ـ أي المختار ـ يؤمّن الله بنا وحشته ، ويعلم ما كان من نصرنا له ، فيزداد هو وأصحابه قوّة ، ولا آمن أن يكون جاءه أعداؤه.
فسار إبراهيم حتّى أتى باب المختار ، فسمع الأصوات عالية والقوم يقتتلون ، وكان قد جاء شبث بن ربعي من قبل السبخة فعبّأ له المختار يزيد ابن أنس ، وجاء حجّار بن أبجر فجعل المختار في وجهه أحمر بن شُمَيط.
فبينما الناس يقتتلون إذ جاء إبراهيم من قبل القصر ، فبلغ حجّاراً وأصحابه أنّ إبراهيم قد جاءهم من ورائهم ، فتفرّقوا في الأزقّة قبل أن يأتيهم إبراهيم.