المختار ، وكان قد تعرّض لهم كعب ، فلمّا عرف أنّهم من قومه خلّى عنهم ، وخرجت شِـبام ـ وهم حيّ مـن همدان ـ من آخر ليلتـهم ، فبلغ خبرهـم عبـد الرحمن بن سعيد الهمداني ، فأرسل إليهم : إن كنتم تريدون المختار فلا تمرّوا من ناحيتنا ، فلحقوا بالمختار حتّى اجتمع عنده ثلاثة آلاف وثمانمائة قبل الفجر ، وكان قد بايعه اثنا عشر ألفاً ، وكان ممّن خرج معه حميد بن مسلم ، فأصبح المختار وقد فرغ من تعبئة جيشه ، فصلّى بأصحابه في الغلس ـ أي الظلمة ـ.
وأرسل ابن مطيع إلى من بالجبابين أن يأتوا المسجد ، وأمر راشداً بن إياس صاحب شرطته فنادى في الناس : برئت الذمّة من رجل لم يأت المسجد الليلة ، فاجتمعوا ، فبعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو ثلاثة آلاف إلى المختار ، وبعث راشداً أيضاً في أربعة آلاف من الشرط.
هكذا ذكر الطبري وغيره (١) ، وزاد ابن نما رحمه الله (٢) : انّه بعث حجّار بن أبجر في ثلاثة آلاف وثلاثة آخرين (٣) في ثلاثة آلاف ، وتتابعت العساكر إلى نحو من عشرين ألفاً ، فلمّا صلّى المختار الغداة سمعوا أصواتاً مرتفعة ، فقال المختار : من يأتينا بخبر هؤلاء؟
فقال له رجل : أنا أصلحك الله.
قال المختار : فألق سلاحك ، واذهب حتّى تدخل فيهم كأنّك متفرّج ، وائتنا بخبرهم.
____________
(١) تاريخ الطبري ٦ / ١٤ ـ ٣٦ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٢١٤ ـ ٢٢٨ ، ذوب النضار : ٩٧ ـ ١١٠ ، بحار الأنوار ٤٥ / ٣٦٥ ـ ٣٧١ ؛ وقد ورد في جميع هذه المصادر إلى آخر ما سيأتي في هذا الفصل.
(٢) ذوب النضار : ١٠٥.
(٣) هم : عكرمة بن ربعي ، شـدّاد بن أبجر ، وعبـد الرحمن بن سويد.