شبث في من بقي معه ، فلمّا أقبل إبراهيم نحو شبث جعل شبث وأصحابه ينكصون إلى الوراء قليلاً قليلاً ، فلمّا دنا منهم إبراهيم حمل عليهم ، وأمر يزيد بن أنس أن يحمل عليهم ، ففعل فانهزموا حتّى وصلوا إلى بيوت الكوفة ، وحمل خزيمة بن نصر على يزيد بن الحارث فهزمه وأصحابه ، وازدحموا على أفواه السكك ..
وكان يزيد بن الحارث قد وضع الرماة على أفواه السكك فوق البيوت ، وأقبل المختار ، فلمّا انتهى إلى أفواه السكك رمته الرماة بالنبل ، فصدّوه عن دخول الكوفة من ذلك الوجه.
ورجع الناس منهزمين إلى ابن مطيع ، وجاءه قَتلُ راشد بن إياس فَسُقِطَ في يده ـ أي بهت وتحيّر ـ ، فقال له عمرو بن الحجّاج : أيّها الرجل! لا تلق بيدك ، واخرجْ إلى الناس واندبهم إلى عدوّك ، فإنّ الناس كثير وكلّهم معك إلاّ هذه الطائفة التي خرجت والله يخزيها ، وأنا أوّل منتدب فانتدب معي طائفة ومع غيري طائفة.
فخرج ابن مطيع ، فقام في الناس ووبّخهم على هزيمتهم ، وأمرهم بالخروج إلى المختار وأصحابه.
وأمّا المختار فإنّه لمّا منعه الرماة من دخول الكوفة عدل إلى بيوت مُزينة وأحمس وبارق وبيوتهم منفردة ، فاستقبلوه بالماء ، فشرب أصحابه ولم يشرب هو ، لأنّه كان صائماً ، فقال أحمر بن شُميط (١) لابن كامل : أترى الأمير صائماً؟!
قال : نعم.
____________
(١) في تاريخ الطبري : أحمر بن هديج.