ثمّ قال : إنّ هؤلاء لو وجدوا حرّ السيوف لانهزموا عن ابن مطيع انهزام المِعزى من الذئب ، ففعلوا ذلك ..
وأخذ ابن الأشتر أسفل قبائه فأدخله في مِنْطَقته (١) ، وكان قد لبس القباء فوق الدرع ، ثـمّ قال لأصـحابه : شـدّوا عليهم فدى لكم عمّي وخالي ، فلم يلبثوا أن انهزموا يركب بعضهم بعضاً على أفواه السكك وازدحموا.
وانتهى ابن الأشتر إلى ابن مساحق فأخذ بلجام دابّته ، ورفع السيف ليقتله فسأله أن يعفو عنه ، فخلّى سبيله ، وقال : اذكرها لي ، فكان يذكرها له.
ودخلوا الكناسة في آثارهم حتّى دخلوا السوق والمسجد ، وحصروا ابن مطيع ومعه الأشراف غير عمرو بن حريث فإنّه خرج إلى البرّ.
وجاء المختار حتّى نزل جانب السوق ، وولّى إبراهيم بن الأشتر حصار القصر ومعه يزيد بن أنس وأحمر بن شميط ، فحصروا القصر من ثلاث جهات ثلاثة أيّام.
وأشرف رجل من أصحاب ابن مطيع عشيّة على أصحاب المختار ، فجعل يشتمهم ، فرماه رجل منهم بسهم فأصاب حلقه ، فقطع الجلد فوقع ، ثمّ برأ بعد ذلك.
وجعل ابن مطيع يفرّق على أصحابه الدقيق وهو محصور ، واشتدّ عليـهم الحصار ، وأقبلت همدان حتّى تسلّـقوا القصر بالحبال ، فلمّا رأى
____________
(١) في تاريخ الطبري : فأدخله في مِنطقة له حمراء من حواشي البُرود ؛ والمِنْطَق والمِنْطقة : ما يشدّ به الوسط. المعجم الوسيط ٢ / ٩٣١ مادّة «نطـق».