ابن مطيع وأصحابه ذلك أشار عليه شبث أن يأخذ لنفسه أماناً ، فكره ذلك ، فأشار عليه أن يخرج خفية إلى دار من دور الكوفة ، ثمّ يلحق بابن الزبير ، فقبل وخـرج ليلاً فدخل دار أبي موسـى ، وخلّى القصر ففتح أصحابه الباب.
وجاء ابن الأشتر فطلب من بالقصر منه الأمان فأمنهم ، فخرجوا فبايعوا المختار.
وجاء المختار حتّى دخل القصر فبات فيه ، وأصبح الأشراف في المسجد وعلى باب القصر ، وخرج المختار فصعد المنبر وخطب الناس ، وقال : أنا المسـلّط على المحلّين ، الطالب بدم ابن نبيّ ربّ العالمين ـ إلى أن قال : ـ ادخلوا فبايـعوا بيـعة هـدى ، فوالله ما بايعتم بعد بيعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام وآل عليّ عليهم السلام أهدى منها.
ثمّ نزل فدخل عليه أشراف الكوفة فبايعوه على كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، والطلب بدماء أهل البيت ، وجهاد المحلّين ، والدفع عن الضعفاء ، وقتال من قاتلنا ، وسلم من سالمنا ..
وأحسن المختار السيرة جهده ، وفي ذلك يقول الشاعر :
ولمّا دَعَا المُختارُ جِئْنا لِنَصرِهِ |
|
على الخَيلِ تَرْدى مِن كُمَيتٍ وأشْقَرا |
دَعا يا لِثاراتِ الحُسَينِ فَأقبَلَتْ |
|
تَعادَى بِفُرسانِ الصِياحِ لِتَثأرا (١) |
[الطويـل]
وبلغه أنّ ابن مطيع في دار أبي موسى ، فأرسل إليه مائة ألف درهم ، وقال : تجهّز بها ، وكان بينهما صداقة ، فأخذها ومضى إلى البصرة.
____________
(١) ورد هذان البيتان في تسلية المجالس ٢ / ٤٩٢.