ووجد المختار في بيت المال تسعة آلاف درهم ، وفرّق العمّال على أرمينية وآذربيجان والموصل والمدائن وحلوان والريّ وهَمدان وأصبهان ، وغيرها ، ودانت له البلاد كلّها إلاّ الحجاز والجزيرة والشام ومصر والبصرة ، واسـتعمل على شـرطته عبـدالله بن كامل الشاكـري ، وعلى حرسـه كيسان أبا عمرة مولى عُرينة (١) ، وصار يجلس للقضاء بين الناس ، ثمّ أقام شريحاً للقضاء ، وكانوا يقولون : إنّه عثماني ، وإنّه ممّن شهد على حجر بن عديّ ، وإنّه لم يبلغ عن هانئ بن عروة ما أرسله به ، وإنّ عليّاً عليه السلام عزله عن القضاء ، فأراد المختار عزله ، فتمارض فعزله ، وجعل مكانه غيره.
وقال عبـدالله بن هَمّام (٢) يذكر المختار وأصحابه ويمدحهم :
وفي لَيلَةِ المُخْتارِ ما يُذهِلُ الفَتى |
|
ويُلهيهِ عَن رَءودِ الشَبابِ شَموعِ |
دَعا يـا لِثاراتِ الحُسَيْنِ فَأقبَلَتْ |
|
كَتائِبُ مِن هَمْدانَ بَعْدَ هَزيعِ |
ومِنْ مَذْحِجٍ جـاءَ الرئيسُ ابْنُ مالِكٍ |
|
يَقودُ جُموعاً أُردِفَتْ بِجُموعِ |
ومِنْ أسـدٍ وافى يَزيدُ لِنصـرهِ |
|
بِكلِّ فتىً حامِي الذِمارِ مَنيعِ |
وجاءَ نُعَيمٌ خَيرُ شَيبانَ كُلِّها |
|
بِأمرٍ لَدى الهَيْجا أحَدَّ جَميعِ |
ومَا ابنُ شُمَيطٍ إذْ يُحَرّضُ قَومَهُ |
|
هُناكَ بِمَخْذولٍ ولا بِمُضيعِ |
وسارَ أبو النُّعمانِ للهِ سَعيَهُ |
|
إلى ابْنِ إياسٍ مُصحِراً لِوُقـوعِ |
بِخَيْلٍ عَلَيْها يَومَ هَيْجا دُروعُها |
|
وأُخرى حُسوراً غَيْرَ ذاتِ دُروعِ |
فَكَرّ الخُيولُ كَرّةً ثَقِفتهُمُ |
|
وشَـدّ بِأُولاها على ابْـنِ مُطيعِ |
____________
(١) بجيلة ـ خ ل ـ.
(٢) هو : عبـدالله بن هَمّام بن نُبَيْشة السَلوليّ ، من التابعين ، كان يقال له من حُسن شعره : «العطّار». خزانة الأدب ٩ / ٣٥.