ذكر قتل المختار قتلة الحسين عليه السلام
والمشايعين على قتله
كان مروان بن الحكم ـ بعد أن بويع له بالشام ـ أرسل عبيد الله بن زياد في جيش إلى الجزيرة ، فإذا فرغ منها سار إلى العراق ـ كما تقدّم ـ ، وجعل له كلّ ما غلب عليه ، وأمره أن ينهب الكوفة إن ظفر بأهلها ثلاثاً ، ثمّ كان من أمره مع التوّابين ما تقدّم ذكره.
وكان زفر بن الحارث الكلابي ومعه قبيلة تسمّى قيس عيلان بالجزيرة على طاعة ابن الزبير ، فلم يزل ابن زياد مشتغلاً بهم عن العراق نحو سنة ، فهلك مروان وولّي بعده ابنه عبـد الملك فأقرّ ابن زياد على ما كان أبوه ولاّه ، فلمّا عجز ابن زياد عن زفر ومن معه بالجزيرة أقبل إلى الموصل وهي للمختار ، فتنحّى عامل المختار إلى تَكْريت (١) ، وكتب إلى المختار يخبره بذلك ، فكتب إليه المختار يصوّب رأيه ، ويأمره أن لا يفارق مكانه حتّى يأتيه أمره.
وأرسل المختار يزيد بن أنس الأسدي وانتخب معه ثلاثة آلاف فارس ووعده المـدد متى احتاج ، وشـيّعه وقال له : إذا لقيت عدوّك فلا تناظرهم ، وإذا أمكنتك الفرصة فلا تؤخّرها ، وليكن خبرك كلّ يوم عندي ..
وكتب إلى عامل الموصل أن يخلّي بينه وبين البلاد ، فسار حتّى أتى
____________
(١) تكريت ـ بفتح التاء ، والعامّة تكسرها ـ : بلد مشهور بين بغداد والموصل ، وبينها وبين بغداد ثلاثون فرسخاً في غربي دجلة ، ولها قلعة حصينة أحد جوانبها إلى دجلة. مراصـد الاطّلاع ١ / ٢٦٨.