أرض الموصل فبلغ خبره ابن زياد ، فقال : لأبعثنّ إلى كلّ ألف ألفين ، فأرسل إليه سـتّة آلاف : ثلاثة مع ربيعة الغَنَوي ، وثلاثة مع عبـد الله بن جمْلة (١) الخَثْعَمي ، فسار ربيعة قبل عبـد الله بيوم حتّى لقي يزيد بن أنس.
فخرج يزيد بن أنس وهو مريض شديد المرض راكب على حمار يمسكه الرجال ، فوقف على أصحابه وعبّأهم وحثّهم على القتال ، ثمّ وضع بين الرجال على سرير ، وقال : قاتلوا عن أميركم إن شئتم ، أو فرّوا عنه ، وجعل يأمر الناس بما يفعلونه ، ثمّ يغمى عليه ، ثمّ يفيق ..
واقتتل الناس عند فلق الصبح يوم عرفة ، فاشـتدّ القتال إلى ارتفاع الضحى ، فانهزم أهل الشام وأُخذ عسكرهم ، ووصل أهل العراق إلى أميرهم ربيعة ، وقد انهزم عنه أصحابه وهو يناديهم ويحرّضهم على القتال ، ويقول : إنّما تقاتلون من خرج من الإسلام ، فاجتمع إليه جماعة فقاتلوا معه ، واشـتدّ القتال ..
وخرج رجل من أهل العراق يعترض الناس بسيفه ، وهو يقول :
بَرِئتُ مِن دينِ المُحَكّمِينا |
|
وذاكَ فينا شَرُّ دينٍ دينا |
[الرجـز]
ثمّ انهزم أهل الشام ، وقتل أميرهم ربيعة ، فسار المنهزمون ساعة فلقيهم عبـد الله الخثعمي الأمير الثاني لأهل الشام في ثلاثة آلاف ، فردّ معه المنهزمين ، وجاء إلى الموضع الذي فيه أصحاب المختار ، فباتوا ليلتهم يتحارسـون ، فلمّا أصبحوا يوم عيد الأضحى خرجوا إلى القتال ، واقتتلوا قتالاً شديداً ، ثمّ نزلوا فصلّوا الظهر ..
____________
(١) جمة ـ خ ل ـ.