قتل شـمر ـ لعنه الله ـ :
وكان شمر ـ لعنه الله ـ قد هرب من الكوفة ومعه جماعة ممّن شرك في قتل الحسين عليه السلام على خيول لهم مضـمرة ، فأرسل إليه المختار عبـداً له أسود يقال له : «زِرْبيّ» ، وكان شجاعاً ، وقيل : إنّه مولى بجيلة ، ومعه مائة فارس على الخـيل العتاق (١) ، فجـعل يجـدّ السـير حتّى انقطع عن أصحابه إلاّ عشـرة فوارس.
فقال شمر ـ لعنه الله ـ لأصحابه : تباعدوا عنّي لعلّ العبد يطمع فيّ ، فتباعدوا عنه ، ولحقه العبد ، حتّى إذا انقطع عن أصحابه حمل شمر ـ لعنه الله ـ فقتله ، وانهزم أصحابه العشـرة حتّى لحق بهم الباقون.
ثمّ مضى شمر ـ لعنه الله ـ وأصحابه حتّى نزلوا قرية يقال لها : «الكَلْتانِيّة» قريباً من البصرة على شاطىَ نهر إلى جانب تلّ ، ثمّ أخذ شمر عِلْجاً (٢) من القرية ودفع إليه كتاباً ، وقال : عجّل به إلى مصعب بن الزبير بالبصرة ، وكتب عنوانه : للأمير مصعب من شمر بن ذي الجوشن ..
فمضى العلج حتّى دخل قرية فيها أبو عمرة صاحب المختار ، وكان قد أرسله المختار إلى تلك القرية في خمسمائة فارس ليكون مسلحة بينه وبين أهل البصرة ، فلقي ذلك العلج علجاً آخر من تلك القرية ، فجعل يشـكو إليه ما لقي من شمر ، فبينا هو يكلّـمه إذ مـرّ به رجل من أصحاب
____________
(١) عَتَقْتُ الشيءَ : سَبَقْتُه ، ومنه : فَرَسٌ عاتِق ، إذا سَبَق الخيل. المصباح المنير : ٣٩٢ مادّة «عتـق».
(٢) العِلْج : الرجل القويّ الضخم من كفّار العجم ، وبعض العرب يُطلق العِلج على الكافر مطلقاً. أقرب الموارد ٢ / ٨١٩ مادّة «علج».