وألحـق كلّ أمـير بمكانه ، ونزل هو يمشـي ، وقال للناس : ازحفوا. فزحـفوا.
وجعل يحرّضهم ويمنّيهم الظفر ، وسار بهم رويداً حتّى أشرف على تلّ عظيم مشرف على أهل الشام ، وإذا هم لم يتحرّك منهم أحد بعد ، فأرسل إبراهيم فارساً من أصحابه يأتيه بخبرهم ، فلم يلبث إلاّ يسيراً حتّى عاد إليه ، وقال له : قد خرج القوم على دهش وفشل ، لقيني رجل منهم وليس لـه كلام إلاّ : يا شـيعة أبي تراب! يا شـيعة المخـتار الكذّاب! فقلت : ما بيننا وبينكم أجلّ من الشـتم.
ودعا ابن الأشتر بفرس له فركبه ، ثمّ مرّ بأصحاب الرايات كلّها ، فكلّما مرّ على راية وقف عليها ، ثمّ قال : يا أنصار الدين وشيعة الحقّ! هذا عبيـد الله بن مرجانة قاتل الحسين بن عليّ ، ابن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله ، حال بينه وبين بناته ونسائه وشيعته وبين ماء الفرات أن يشربوا منه وهم ينظرون إليه ، ومنعه من الذهاب في الأرض العريضة حتّى قتله وقتل أهل بيـته ، فوالله ما عمل فرعـون بنجـباء بني إسرائيل ما عمل ابن مرجانة بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ، الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فوالله إنّي لأرجو أن يشفي الله صدوركم بسفك دمه على أيديكم ، فقد علم الله أنّكم خرجتم غضباً لأهل بيت نبيّكم.
فسار في ما بين الميمنة والميسرة ، وسار في الناس كلّهم يرغّبهم في الجهاد ، ويحرّضهم على القتال ، ثمّ رجع إلى موضعه.
وتـقابـل الجـمعان ، فخـرج من عسـكر ابن زياد رجـل يقال له : «ابن ضبعان الكلبي» ونادى : يا شيعة المختار الكذّاب! يا شيعة ابن الأشتر المرتاب! وجعل يرتجز ويقول :