نظـر العـرف خاصّاً بمـورده ، أم عامّاً شاملاً لكلّ مصاديق الحلو؟! ما أرى ـ والله ـ القائل بكونه خاصّاً بمورده إلاّ في منتزح عن الأُصول ، بعيداً عن قواعد اللغة ، نائياً عن الفهم العرفي ، أجنبياً عن عالمنا كلّه ، وكذا القائل بتخصيص العموم في حديث المنزلة بمورده من غزوة تبوك ، لا فرق بينهما أصـلاً.
الوجه الثاني : إنّ الحديث لم تنحصـر موارده باستخلاف عليّ على المدينة في غزوة تبوك ليتشبّث الخصم بتخصيصه به ، وصحاحنا المتواترة عن أئمّة العترة الطاهرة تثبت وروده في موارد أُخر ، فليراجعها الباحثون ، وسُـنن أهل السُـنّة تشهد بذلك ، كما يعلمه المتتبّـعون ، فقول المعـترض بأنّ سياق الحديث دالّ على تخصـيصه بغزوة تـبوك ممّا لا وجه له إذن ، كما لا يخفى.
* أمّا قولهم بأنّ العامّ المخصوص ليس بحجّة في الباقي ، فغلط واضح ، وخطأ فاضح ، وهل يقول به في مثل حديثنا إلاّ من يعتنف الأُمور ، فيكون منها على غماء ، كراكب عشواء ، في ليلة ظلماء؟! نعوذ بالله من الجهل ، والحمد لله على العافية.
إن تخصيص العامّ لا يخرجه عن الحجّية في الباقي إذا لم يكن المخصّص مجملاً ، ولا سيّما إذا كان متّصلاً ـ كما في حديثنا ـ ، فإنّ المولى إذا قال لعبـده : أكرم اليوم كلّ من زارني إلاّ زيداً ، ثمّ ترك العبد إكرام غير زيد ممّن زار مولاه ، يعـدّ في العرف عاصياً ، ويلومه العقلاء ، ويحكمون عليه باستحقاق الذم والعقوبة على قدر ما تستوجبه هذه المعصية عقلاً أو شرعاً ، ولا يصغي أحد من أهل العرف إلى عذره لو اعتذر بتخصيص هذا العامّ ، بل يكـون عـذره أقـبح عندهـم من ذنـبه ، وهذا ليس إلاّ لظهور العامّ