وكانت من أهل السوابق والحجى ، ولها المكانة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بسابقتها وإخلاصها ونصحها ، وحسن بلائها ، وكان النبيّ يزورها ويحدّثها في بيتها ، فقال لها في بعض الأيام : يا أُمّ سليم! إنّ عليّاً لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى (١).
____________
والعقل ، روت عن النبيّ أحاديث ، وروى عنها ابنها أنس ، وابن عبّـاس ، وزيد بن ثابت وأبو سلمة بن عبـد الرحمن ، وآخرون ..
تعد في أهل السوابق ، وهي من الدعاة الى الإسلام ؛ كانت في الجاهلية تحت ملك بن النضر ، فأولدها أنس بن مالك ، فلمّا جاء الله بالإسلام كانت في السابقين إليه ، ودعت مالكا زوجها إلى الله ورسوله ، فأبى ان يسلم ، فهجرته فخرج مغاضبا الى الشام ، فهلك كافرا ، وقد نصحت لابنها أنس إذ أمرته وهو ابن عشر سنين أن يخدم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقيله النبيّ إكراما لها.
وخطبها أشراف العرب ، فكانت تقول : لا أتزوّج حتى يبلغ أنس ويجلس مجلس الرجال ، فكان أنس يقول : جزى الله أُمي خيرا ، أحسنت ولايتي.
وقد أسلم على يدها أبو طلحة الأنصاري ؛ إذ خطبها وهو كافر ، فأبت أن تتزوّجه أو يسلم ، فأسلم بدعوتها ، وكان صداقها منه إسلامه ، أولدها أبو طلحة ولدا فمرض ومات ، فقالت : لايذكرنّ أحدا موته لأبيه قبلي ، فلمّا جاء وسأل عن ولده ، قالت : هو أسكن ماكان ، فظنّ انه نائم ، فقدّمت له الطعام فتعشّى ، ثمّ تزيّنت له وتطيّبت ، فنام معها وأصاب منها ، فلمّا أصبح قالت له : احتسب ولدك ، فذكر أبو طلحة قصّتها لرسول الله ، فقال : بارك الله لكما في ليلتكما. قالت : ودعا لي صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى ما أُريد زيادة.
وعلقت في تلك الليلة بعبد الله بن أبي طلحة فبارك الله فيه ، وهو والد اسحاق ابن عبدالله بن أبي طلحة الفقيه وإخوته ، وكانوا عشرة كلّهم من حملة العلم.
وكانت أُم سليم تغزو مع النبيّ ، وكان معها يوم أُحد خنجر لتبقر به بطن من دنا إليها من المشركين ، وكانت من أحسن النساء بلاءً في الإسلام ، ولا أعرف امرأة سواها كان النبيّ يزورها في بيتها فتتحفه.
وكانت مستبصرة بشأن عترته ، عارفة بحقهم عليهم السلام.
(١) هذا الحديث ـ أعني حديث أُمّ سليم ـ هو الحديث ٢٥٥٤ من أحاديث الكنز ، في