رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت ، غيري ، فإن كان هذا من سخط علَيّ ، فلك العتبى والكرامة.
فقال رسـول الله صلّى الله علـيه وآله وسـلّم : والذي بعثـني بالحـقّ مـا أخرجـتك إلاّ لنفسـي ، وأنت منّـي بمـنزلة هارون من موسـى غـير أنّـه لا نبيّ بعـدي ، وأنت أخـي ووارثي.
فقال : وما أرث منك؟!
قال : ما ورث الأنبياء من قبلي : كتاب ربّهم وسُـنّة نبيّهم ، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي .. ثمّ تلا صلّى الله عليه وآله وسلّم : (إخواناً على سُـررٍ متقابلين) (١) المتحابّـين في الله ينظر بعضهم إلى بعض.
وحسبك ممّا جاء في المؤاخاة الثانية ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن عبّـاس من حديث جاء فيه : إنّ رسول الله قال لعليّ : أغضبت علَيّ حين آخيت بين المهاجرين والأنصار ، ولم أُؤاخ بينك وبين أحد منهم؟! أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه ليس بعدي نبيّ ... الحديث (٢).
____________
(١) سورة الحجر ١٥ : ٤٧.
(٢) نقله المتّقي الهندي في كنز العمّال وفي منتخـبه ، فراجع من المنتخب ما هو في آخر هامش ص ٣١ من الجزء الخامس من مسند أحمد ، تجده باللفظ الذي أوردناه ، ولا يخـفى ما في قوله : أغضبت عليّ؟! من المؤانسة والملاطفة والحنو الأبوي على الولد المدلّ على أبيه الرؤوف العطوف.
فإن قلت : كيف ارتاب عليّ من تأخيره في المرّة الثانية مع أنّه كان في المرّة الأُولى قد ارتاب من ذلك ، ثمّ ظهر له أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله ، إنّما أخّره لنفسه ، وهلاّ قاس الثانية على الأُولى؟!