منه ، ولا أمضىٰ جَناناً منه ، ولا أجرأ مقدماً ، والله ما رأيْتُ قبلَه ولا بعدَه مثلَه ؛ أن كانت الرجّالة تنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزىٰ إذا شدّ فيها الذئب .
وكأنّي بزينب أُخته ـ وهو علىٰ تلك الحال ـ قد خرجتْ وأنا أنظر إلىٰ قُرْطها يجول بين أُذُنها وعاتقها وهي تقول : لَيْتَ السماء انطبقَتْ علىٰ الأرض . .
وكان قد دنا عمر بن سعد ، فقالت : يا بن سعد ! أيُقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه ؟! وكأنّي أنظر إلىٰ دموع ابن سعد تسيل علىٰ خدّيه ولحيته وصرف وجهه عنها .
ونادىٰ في الناس شمرٌ وقال : ما تنتظرون بالرجل ؟! اقتلوه ثكلتكم أُمّهاتكم .
فحُمِل عليه من كلّ جانب وضرِب علىٰ كتفه وعاتقه وطعن ، فقال شمر لخولي بن يزيد الأصبحي : انزل إليه فحزّ رأسه . فأراد ذلك ، فأرْعد وضعف ، فقال له سنان بن أنس ـ وهو الذي طعنه ـ : فتّ الله عضدَيْك . ونزل فَذَبَحَهُ وأخذ رأسَه ، وسلب جسَدَه حتّىٰ سراويله وتُرِك مجرّداً .
ومال الناس علىٰ الإبل والمتاع فانتهبوه ، وٱنتهبوا النساء ، حتّىٰ جاء عمر بن سعد ، فقال : لا يدخلنّ هذا البيت التي فيه النساء أبداً ، ولا يعرض لهذا الغلام المريض أحد . يعني علي بن الحسين الأصغر (١) .
وقُتِل من أصحاب الحسين اثنان وسبعون رجلاً ، سبعة منهم لصلب عليّ عليه السلام ، وتسعة منهم ولد عقيل بن أبي طالب مع مسلم الذي تقدّم
__________________
(١) راجع : تاريخ الطبري ٥ / ٤٥٤ .