لم يستدلّ عليها إلّا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين ، وهذا إقدام علىٰ ردّ الأحاديث الصحيحة بمجرّد التوهّم ، ولا ينبغي الإقدام علىٰ حكم بالوضع إلّا عند عدم إمكان الجمع ، ولا يلزم من تعذّر الجمع في الحال أنّه لا يمكن بعد ذلك ؛ لأنّ فوق كلّ ذي علمٍ عليم .
وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم علىٰ الحديث بالبطلان ، بل يتوقّف فيه إلىٰ أن يظهر لغيره ما لم يظهر له ، وهذا الحديث من هذا الباب ، هو حديث مشهور له طرق متعدّدة ، كلّ طريق منها علىٰ انفراده لا يقصر عن رتبة الحسن ، ومجموعها ممّا يقطع بصحّته علىٰ طريقة كثير من أهل الحديث .
وأمّا كونه معارضاً لِما في الصحيحين فغير مسلّم ، ليس بينهما معارضة . . .
وها أنا أذكر بقيّة طرقه ثمّ أُبيّن كيفيّة الجمع بينه وبين الذي في الصحيحين . . . » .
ثمّ قال بعد ذكر طرقٍ للحديث :
« فهذه الطرق المتضافرة بروايات الأثبات تدلّ علىٰ أنّ الحديث صحيح ذو دلالة قويّة ، وهذه غاية نظر المحدّث . . . فكيف يدّعىٰ الوضع علىٰ الأحاديث الصحيحة بمجرّد هذا التوهّم ؟! ولو فتح هذا الباب لردّ الأحاديث لأدّىٰ في كثير من الأحاديث الصحيحة إلىٰ البطلان ، ولكن يأبىٰ الله ذلك والمؤمنون . . . » (١) .
وقال القسطلاني بشرح حديث الخوخة : « وعورض بما في الترمذي
__________________
(١) اللآلي المصنوعة ١ / ٣٤٧ ـ ٣٥٢ .