وأيّ أمرٍ خفيّ صدع النبيّ في هذه الأحاديث ببيانه ، إذا كان مراده من الوليّ : النصير أو المحبّ أو نحوهما ؟!
وحاشا رسول الله صلّیٰ الله عليه وآله وسلّم أن يهتمّ بتوضيح الواضحات ، وتبيين البديهيات . .
إنّ حكمته البالغة ، وعصمته الواجبة ، ونبوّته الخاتمة لأعظم ممّا يظنّون .
علىٰ أنّ تلك الأحاديث صريحة في أنّ تلك الولاية إنّما تثبت لعليّ بعد النبيّ صلّیٰ الله عليه وآله وسلّم ، وهذا يوجب تعيين المعنىٰ الذي قلناه ، ولا يجتمع مع إرادة النصير والمحبّ وغيرهما ؛ إذ لا شكّ باتّصاف عليّ بنصرة المسلمين ومحبّتهم وصداقتهم منذ ترعرع في حجر النبوّة ، وٱشتدّ ساعده في حضن الرسالة ، إلىٰ أن قضىٰ نحبه عليه السلام ، فنصرته ومحبّته وصداقته للمسلمين غير مقصورة علىٰ ما بعد النبيّ صلّىٰ الله عليه وآله وسلّم ، كما لا يخفىٰ .
وحسبك من القرائن علىٰ تعيين المعنىٰ الذي قلناه ، ما أخرجه الإمام أحمد في ص ٣٤٧ من الجزء الخامس من مسنده ، بالطريق الصحيح عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، عن بريدة ، قال : غزوت مع عليّ اليمن فرأيت منه جفوة ، فلمّا قدمت علىٰ رسول الله صلّىٰ الله عليه [ وآله ] وسلّم ذكرت عليّاً فتنقّصته ، فرأيت وجه رسول الله يتغيّر ، فقال : يا بريدة ! ألست أوْلىٰ بالمؤمنين من أنفسهم ؟!
قلت : بلىٰ يا رسول الله .
قال : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه . انتهىٰ .
وأخرجه الحاكم في ص ١١٠ من
الجزء الثالث من المستدرك ،