ومنها : أنّهم أرادوا أن يسلكوا العقبة مع الرسول صلىاللهعليهوآله في بدء الأمر من دون الناس الّذين كانوا يمشون ببطن الوادي ، فقال صلىاللهعليهوآله لهم ـ بعدما أُخبر خبرهم ـ : « من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي ، فإنّه أوسع لكم » ؛ وهذا يفيد أنّهم ممّن يتعارف مشيه مع الرسول قريب منه في الأسفار والحركة ، وهذه الصفة لا تكون للأباعد .
ومنها : جواب حذيفة ـ عندما سأله النبيّ صلىاللهعليهوآله عن معرفة الرهط الّذين همّوا بذلك الأمر العظيم ـ بأنّه رأىٰ راحلة فلان وفلان ؛ وهذا يفيد أنّ الرهط هم من وجوه المسلمين ، وممّن لحذيفة خلطة قريبة معهم ، وليسوا من الأباعد كي تخفىٰ رواحلهم ودوابّهم علىٰ حذيفة .
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله ـ عندما طلب منه حذيفة وعمّار قتل الرهط ـ : « إنّي أكره أن يتحدّث الناس ويقولوا أنّ محمّداً وضع يده في أصحابه » ؛ ومنه يتبيّن أنّ الرهط والمجموعة هم ممّن ناصر النبيّ صلىاللهعليهوآله بحسب الظاهر ، وكانوا ممّن حوله من الخواصّ الّذين لهم علاقة متميزة به أمام مرأىٰ الناس ، ومن الّذين لا يتوقّع الناس معاداتهم له صلىاللهعليهوآله ، بل كان الإقدام علىٰ قتلهم من قبله صلىاللهعليهوآله مستنكراً عند الناس ، وهذا ظاهر في عدم كونهم من أوساط الناس أو من الأباعد .
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله لحذيفة وعمّار لمّا أطلعهم بأسمائهم : « اكتماهم » ؛ فما وجه الأمر بالكتمان لو كان هؤلاء الرهط من أوساط الناس ، ومن حلفاء الأنصار ونحوهم ، كما روىٰ ابن سعد أنّهم لم يكونوا من قريش بل من الأنصار وحلفائهم ؟!
لا ريب أنّ علّة الأمر
بالكتمان ظاهرة في كون هؤلاء الرهط هم ممّن يحسب علىٰ النبيّ صلىاللهعليهوآله بصحبة خاصّة ، ممّن يؤدّي فضحه وكشفه ـ لا
سيّما