ثمّ كان من أمره يوم الحكمين ما كان » (١) . .
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج :
« قلت : الكلام الذي أشار إليه أبو عمر بن عبد البرّ ولم يذكره ، قوله فيه ـ وقد ذُكر عنده ، أي عند حذيفة ، بالدين ـ : أمّا أنتم فتقولون ذلك ، وأمّا أنا فأشهد أنّه عدوّ لله ولرسوله وحرب لهما ، في الدنيا ( وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) (٢) . .
وكان حذيفة عارفاً بالمنافقين ، أسرّ إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله أمرهم وأعلمه أسماءهم .
وروي أنّ عمّاراً سئل عن أبي موسىٰ ، فقال : لقد سمعت فيه من حذيفة قولاً عظيماً ، سمعته يقول : صاحب البرنس الأسْود . ثمّ كلح كلوحاً علمت منه أنّه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط .
وروي عن سويد بن غفلة ، قال : كنت مع أبي موسىٰ علىٰ شاطئ الفرات في خلافة عثمان ، فروىٰ لي خبراً عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : سمعته يقول : إنّ بني إسرائيل اختلفوا ، فلم يزل الاختلاف بينهم ، حتّىٰ بعثوا حكمين ضالّيْن ضلّا وأضلّا من اتّبعهما ، ولا ينفكّ أمر أُمّتي حتّىٰ يبعثوا حكمين يَضلان ويُضلّان .
فقلت له : احذر يا ابا موسىٰ أن تكون أحدهما !
قال : فخلع قميصه ، وقال : أبرأ إلىٰ الله من ذلك ، كما أبرأ من قميصي هذا » .
__________________
(١) الاستيعاب ـ في ذيل الإصابة ـ ٢ / ٣٧٢ .
(٢) سورة غافر ٤٠ : ٥١ و ٥٢ .