ويدعون من الأصحاب ولم يكونوا معروفين ولا متميّزين ؛ لقوله تعالى : (ولو نَشاءُ لأرَيْناكَهُمْ فَلَعرَفْتهُم بسيماهُمْ ولَتَعْرِفَنّهُمْ في لَحْنِ القَوْلِ) (١) ، ومع وجود المنافقين يمتنع الحكم بعموم العدالة لكلّ من يُدعى صحابيّاً ، إلاّ أن يقوم عليها دليل من خارج (٢).
ثمّ قال : وأخرجه البخاري من حديث الزهري ، عن سعيد بن المسيّب أنّه كان يحدّث عن بعض أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله قال : «يرد علَيّ الحوض رجال من أُمّتي فيحلاَّون عنه ، فأقول : يا ربّ أصحابي ، فيقول : إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى» ..
قال : وأخرجه أيضاً تعليقاً من حديث ابن أبي شهاب مثله (٣).
قلت : قال في الصحاح : حلاَّتُ الإبلَ عن الماء تحلئةً وتحليئاً : إذا طردتها عنه ومنعتها أن ترده ، قال الشاعر :
مُحَلاٍَّ عَنْ سبيل الماء مَطْروُدِ
وكذلك غير الإبل (٤).
أقول : وإذا كان الارتداد قد وقع من الصحابة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فكيف يكونون كلّهم على الإيمان والعدالة (٥)؟!
وقد شرح جمع من علماء اللغة هذه الكلمة كما شرحها الجوهري ، ككافي الكفاة الصاحب بن عبّاد في محيطه (٦) ، والفيروزآبادي في
____________
(١) سورة محمّـد ٤٧ : ٣٠.
(٢) نفحات اللاهوت : ٥٠ ـ ٥١.
(٣) صحيح البخاري ٨ / ١٥٠.
(٤) الصحاح ١ / ٤٥ مادّة «حـلأ».
(٥) نفحات اللاهوت : ٥٢.
(٦) المحيط في اللغة ٣ / ٢٠٧ مادّة «حـلأ».