وفي الحديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توفّي وهو ابن ثلاث وستّين سنة (١) ، وقال الشاعر : ... ـ وذكر البيت ـ.
وغير ذلك من الاستعمالات في الأخبار وكلام العرب التي لا تنحصر.
وأمّا الاستعمالات العرفـية فظهورها مغـنٍ عن التعرّض لبيانها ، وكأنّهم لمّا كرهوا الإتيان بالمفسّرات المختلفة في الكلام الواحد اكتفوا بأحـدها ، وآثروا مفسّر المبهم الأخير على غيره ؛ لأنّ المفسّر إنّما يفسّر به ما قبله (٢) لا.
وهذا الشاهد هو جزء من قصيدة رائعة ، تعدُّ من المعلّقات ، قالها عنترة العبسي ، ذكر فيها بنت عمّه عبلة وبُعد دارها ، ثمّ وصف ناقته وصفاً جميلاً ، ووصف نفسه بأنّه لا يظلم ولا يجرؤ أحد على ظلمه ، ثمّ وصف بطشه ، وصوّر فرسه تصويراً رائعاً رفعه فيه إلى درجة الإنسانية ..
وفيها من شرف المعاني ، وسهولة اللفظ ، وحسن الانسجام ، ومتانة التعبير والنظم ؛ ما جعل العرب يسمّونها بالذهبية (٣) ، والتي مطلعها :
هَلْ غادَرَ الشُعَراءُ مِنْ مُتَرَدّمِ |
|
أمْ هَلْ عَرَفْتِ الدارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ |
وهذا الشاهد هو البيت الثاني عشر منها ، نذكره بتمامه مع بيتين قبله وبيتين بعده :
إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ (٤) الفِراقَ فإنَّما |
|
زُمَّـتْ ركابُكُمُ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ |
____________
(١) الكافي ١ / ٣٦٥.
(٢) جامع المقاصد ٩ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤.
(٣) شرح المعلّقات السبع : ١٣٦.
(٤) أزمعتِ : أي ثَبَتَ عليه عزمكِ ، الصحاح ٣ / ١٢٢٥ مادّة «زمـع».