ما راعَنـي إلاّ حَمُـولَـةُ أهْلِـهـا |
|
وَسْطَ الدِيارِ تَسَفّ (١) حَبَّ الخِمْخِمِ (٢) |
فِيها اثْنَتانِ وأرْبَعُـونَ حَلُوَبـةً |
|
سُوداً كَخافِيَةِ (٣) الغُرابِ الأسْـحَمِ (٤) |
إذْ تَسْتَبـِيكَ بِذي غُروُبٍ واضِـحٍ |
|
عَذْبِ مُقَيَّلَـهُ لَذيـذِ المَطْعَمِ |
وكـأنَّ فـارَةَ تَاجِـرٍ بِقَسـيمَـةٍ |
|
سَبَقَتْ عَوارِضَها إليكَ مِن الفَـمِ (٥) |
وسـبب قـول عنترة لهـذه القصـيدة ـ كمـا ذكره السـيوطي ـ هـو أنّ أُمّ عنترة كانت أمَة حبشية تدعى زبيبة ، فوقع عليها أبوه فأتت به ، فقال لأولاده : إنّ هذا الغلام ولدي.
قالوا : كذبت ، أنت شيخ قد خرفت تدّعي أولاد الناس.
فلمّا شبَّ قالوا له : اذهب فارْعَ الإبل والغنم ، واحلب وصر.
فانطلق يرعى ، وباع منها ذَوداً (٦) ، واشترى بثمنه سيفاً ورمحاً وترساً ودرعاً ومِغْفَرة ، ودفنها في الرمل ، وكان له مهر يسقيه ألبان الإبل.
وكان في الجاهلية من غلب سبى ، وأنّ عنترة جاء ذات يوم إلى الماء فلم يجد أحداً من الحيّ ، فبهت وتحيّر حتى هتف به هاتف : أدرك الحيّ في موضع كذا. فعمد إلى سلاحه فأخرجه ، وإلى مهره فأسرجه ، واتّبع القوم الّذين سبوا أهله ، فكرَّ عليهم ففرّق جمعهم ، وقتل منهم ثمانية نفر ، فقالوا له : ما تريد؟
____________
(١) تسفّ : أي تنخل ، والسفسفة : انتخال الدقيق ونحوه. الصحاح ٤ / ١٣٧٥ مادّة «سـفف».
(٢) الخمخم : نبت يُعلف حبّه الإبل ، الصحاح ٥ / ١٩١٦ مادّة «خـمم».
(٣) الخوافي : ما دون الريشات العشر من مقدّم الجناح. الصحاح ٦ / ٢٣٣ مادّة «خفى».
(٤) الأسحم : الأسْود. الصحاح ٥ / ١٩٤٧ مادّة «سـخم».
(٥) ديوان عنترة : ١٥ ـ ١٧ ، شرح المعلّقات السبع : ١٣٧.
(٦) الذود من الإبل : ما بين الثلاث إلى العشر. الصحاح ٢ / ٤٧١ مادّة «ذود».