ولا ريب أنّ ما قاله ابن إدريس أقرب وأوفق لكلام أهل اللغة (١).
وهذا الشاهد جزء من قصيدة قالها الحارث بن وَعْلَة ، أوّلها :
لِمَنْ الدِيـارُ بِجانِـبِ الرَضْـمِ (٢) |
|
فمدافع الترتـاعِ فالـرُخْـمِ |
والبيت الذي بعد الشاهد هو :
فلَئِنْ عَفَوْتُ لأعْفُوَنْ جَلَلاً |
|
ولَئِنْ سَطَـوْتُ لأُوهِنّنَ عَظْمي (٣) |
أي أنّ قومي هم الّذين فجعوني بأخي ، فإذا رمتُ الانتصار منهم عاد ذلك بالنكاية على نفسي ؛ لأنّ عزّ الرجل بعشيرته ، فإنْ تركت طلب الانتقام صفحت عن أمرٍ عظيم ، وإذا انتقمتُ منهم أوهنت عظمي.
والشاعر هو الحارث بن وَعْلَة بن الحارث بن ذهل بن شَيبان الذُهلي ، كان سـيّداً شريفاً ، ومن ولده الحُصين بن المنذر بن الحارث بن وَعْلَة ، صاحب راية ربيعة بصفّين مع الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وله يقول عليه السلام :
لِمَنْ رايَةٌ سَوْداءُ يَخْفقُ ظِلُّها |
|
إذا قِيلَ قَدِّمْها حُصَيْنُ تَقَدَّما (٤) |
ومن الأبيات الشعرية التي يستشهد بها في أنّ كلمة القوم تشمل الرجال دون النساء من القبيلة ، هو قول زهير بن أبي سلمى يهجو حِصن ابن حذيفة الفزاري :
وما أدْري وسَوْفَ إخال أدْري |
|
أقَومٌ آلُ حِصْـنٍ أمْ نِساءُ |
فإنْ تَكُنْ النِـساءُ مُخَبّآتٍ |
|
فَحَقّ لِكُلّ عِصْمَةٍ اهْتِداءُ (٥) |
____________
(١) جامع المقاصد ١٠ / ٦٩ ـ ٧٠.
(٢) الرَضْـم : موضع في ديار بني تميم. شرح شواهد المغني ١ / ٣٦٤.
(٣) شرح شواهد المغني ١ / ٣٦٣ رقم ١٧٠.
(٤) العقد الفريد ٣ / ٣١٣ ـ ٣١٤ ، شرح شواهد المغني ١ / ٣٦٣ رقم ١٧٠.
(٥) الكشّاف ٤ / ٣٦٧ ، الصحاح ٥ / ٢٠١٦ ، لسان العرب ١٢ / ٥٠٤ مادّة «قـوم».