٨ ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا معشر الأنصار! ألا أدلّكم على ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا أبداً ، هذا عليّ فأحبّوه بحبّي ، وأكرموه بكرامتي ، فإنّ جبرائيل أمرني بالذي قلت لكم عن الله عزّ وجلّ (١).
٩ ـ قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنا مدينة العلم ، وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب (٢).
____________
سُـننه ، وابن عدي في الكامل من حديث حذيفة ، وهو الحديث ٢٦٠٨ من أحاديث الكنز ص ١٥٦ من جزئه السادس.
(١) أخرجه الطبراني في الكبير ، وهو الحديث ٢٦٢٥ من الكنز ص ١٥٧ من جزئه السادس ، وهو الخبر العاشر في ص ٤٥٠ من المجلّد الثاني من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
فانظر كيف جعل عدم ضلالهم مشروطاً بالتمسّك بعليّ؟! فدلّ المفهوم على ضلال من لم يستمسك به ، وانظر أمره إيّاهم أن يحبّوه بنفس المحبّة التي يحبّون النبيّ بها ، ويكرموه بعين الكرامة التي يكرمون النبيّ بها ، وهذا ليس إلاّ لكونه وليّ عهده وصاحب الأمر بعده ، وإذا تدبّرت قوله : «فإنّ جبرائيل أمرني بالذي قلت لكم عن الله» تجلّت لك الحقيقة.
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عبّـاس ، كما في ص ١٠٧ من الجامع الصغير للسيوطي ، وأخرجه الحاكم في مناقب عليّ ص ٢٢٦ من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك بسندين صحيحين : أحدهما عن ابن عبّـاس من طريقين صحيحين ، والآخر عن جابر بن عبـد الله الأنصاري ، وقد أقام على صحّة طرقه أدلّة قاطعة.
وأفرد الإمام أحمد بن محمّـد بن الصدّيق المغربي ، نزيل القاهرة ، لتصحيح هذا الحديث كتاباً حافلاً ، سمّاه : فتح الملك العليّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ ـ وقد طبع سنة ١٣٥٤ هـ ، بالمطبعة الإسلامية بمصر ـ فحقيق بالباحثين أن يقفوا عليه ؛ فإنّ فيه علماً جمّاً ..
ولا وزن للنواصب وجرأتهم على هذا الحديث الدائر ـ كالمثل السائر ـ على ألسنة الخاصّة والعامّة من أهل الأمصار والبوادي ، وقد نظرنا في طعنهم ، فوجدناه تحكّماً محضاً لم يدلوا فيه بحجّة ما ، غير الوقاحة في التعصّب ، كما صرّح به الحافظ صلاح الدين العلائي ، حيث نقل القول ببطلانه عن الذهبي وغيره ، فقال : ولم يأتوا في ذلك بعلّة قادحة ، سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر.