وترجمته : «قلب كلّ ذرّة إذا شققته ونظرت فيه تجد شمساً منيرة فيه».
وقد حاول بعض الرجال البارزين من المصريّين ممّن له إلمام بالأدب الفارسي أن يجعل هذا النظم إشارة إلى الذرّة التي هي من مخترعات هذه العصور ؛ أمّا هذا العاجز فلا شكّ أنّه أراد : هذه الذرّة التي ملأت الأجزاء ، ومنها تكوّنت الأشياء ، وأراد بالشمس : تلك الشمس التي أشرقت منها الشموس والأقمار ، فعميت عن إدراكها البصائر والأبصار.
نعم ، فهذه الأرض المباركة ذات الآيات الباهرة ، ألا تستحقّ التكريم والتعظيم والتعزيز والتقديس؟!
وفي الأحاديث النبوّية أيضاً إشارة إلى ذلك ؛ حيث يقول صلى الله عليه وآله وسلم : «تمسّحوا بالأرض ؛ فإنّها برّة بكم» (١).
وفي آخر : «إنّها أُمّكم الحنون ، وأكرموا عمّتكم النخلة ؛ فإنّها خلقت من فاضل طينة أبيكم آدم» (٢).
وهذه كلّها رموز وإشارات لا تخفى مغازيها على اللبيب.
إذاً أفلا يتبيّن من هذا سرّ أمر الباري جلّ شأنّه للملائكة جميعاً أن يسجدوا لآدم الذي خلقه من تراب ، وأنشأه من الأرض ، وأودع فيه جميع خواصّها وعناصرها ، وفيه انطوى العالم الأكبر؟!
وقد حدّثتنا الكتب السماوية عن السجود لآدم بأساليبها المختلفة ؛
____________
(١) المعجم الصغير ١ / ١٤٨ ، مصنّف بن أبي شيبة ١ / ١٨٧ كتاب الطهارة ، مجمع الزوائد ٨ / ٦١ ، كنز العمّال ٧ / ٤١٠ ح ١٩٧٧٨.
(٢) مسند أبي يعلى ١ / ٣٥٣ ح ١٩٥ ، حلية الأولياء ٦ / ١٢٣ ، الجامع الصغير ١ / ٨٨ ح ١٤٣٢ ، ربيع الأبرار ١ / ٢٥٣ ، كنز العمّال ١٢ / ٣٣٨ ح ٣٥٣٠٠.