وهذه الحجّة الواهية تستند إلى دعامتين ساقطتين :
الأُولى : إنّ الأرض مظلمة ، وممّا تَلوناه عليك من منافع الأرض وبركاتها تعرف أنّ الأرض هي المشرقة ، والنار هي المظلمة ..
الأرض حياة ؛ والحياة هي النور ، والنار لا حياة فيها ، بل تنعدم بها الحياة ؛ وعدم الحياة ظلمة.
الأرض أُمّ الحياة ، والنار أَُمّ الموت ، وأين الحياة من الموت؟!
وكفى بالنار أنّ الله جعلها عقاباً ومآباً للعاصين.
وكفى بالأرض أن جعلها جنّة عدن للمتّقين.
الثانية : إنّ النار معبودة مذ كانت النار ، وهذه أسقط من سابقتها ؛ فإنّ النار لم يعبدها من الأُمم إلاّ المجوس ، حتّى قيل :
مثل المجوسي في ظلالته |
|
تحرقه النـار وهو يعبدها |
وأمّا الأرض فلم تزل معبودة على أُوليات الدهر ، بأصنامها وأوثانها ، وهياكلها ونواديها ، والجميع من الأرض ، ولا تزال أكثر الأُمم وثنية إلى اليوم ..
وحيث تجلّى شرف الأرض وقداستها ، إذاً فليسجد الملائكة ـ الّذين ليسوا هم من الأرض ـ لآدم وليد الأرض.
ولا يجوز السجود في شريعة الإسلام سجود عبادة إلاّ لله ، إلاّ على الأرض ، أو نبات الأرض (١).
ومن أجل ما في الأرض من المواد المعقّمة والعناصر المنقّية جعلها الشارع في الإسلام مطهِّرة من الحدث تارةً ، أي : القذارة المعنوية التي
____________
(١) الكافي ٣ / ٣٣١ ح ٥ ، علل الشرائع ١ / ٣٧ ح ١ باب ٤٢ ، الحدائق الناضـرة ٧ / ٢٤٨ ، منتهى المطلب ١ / ٢٥١.