ومن أجل هذه الصفة والخصوصية في الأرض أوجبت الشرائع السماوية ، وبالأخصّ شريعة الإسلام ، دفن الأموات فيها ، ولا يجوز دفن الميّت في غيرها ، وأن يوضع خدّه على الأرض ، ولا يجوز حتّى إلقاؤه في البحر مع التمكّن من دفنه بالأرض ، ولا إحراقه بالنار مع أنّ المتبادر بادئ النظر إنّه أبلغ في قمع جراثيم الأموات المضرّة بالأحياء ، كما يصفه البراهمة (١) الّذين يحرقون أمواتهم.
____________
(١) البراهمة : هي ديانة أقدم من ديانة البوذية بقرون كثيرة ، ويظهر أنّ أصل الديانة البراهمية الهند ، وتصعد إلى أبعد عهد من عصورهم التاريخية وتختلط بجميع أدوارهم الاجتماعية ، لقد كانت هذه الديانة مجهولة إلى أواخر القرن الثاني عشر حيث ابتدأ في درس اللغة السنسكريتية.
والكتب المقدّسة لهذه الديانة هي : (الفيدا) ثم كتاب (منافادار ماساسترا) أي : قوانين مانوا.
ومذهب ديانة البراهمة أصلان رئيسان هما : وحـدة الوجود ، والتناسخ ، أي : عود الأرواح إلى الأجساد في عالم الدنيا.
ولهم صنم اسمه : (برهما) ، له أربعة أوجه وأربعة أيدي : في يده الأُولى كتابهم المقدّس (الفيدا) ، وفي يده الثانية ملعقة ، وفي يده الثالثة سبحة ، وفي يده الرابعة إناء فيه ماء.
البراهمة يقدّسون البقرة ويحرّمون ذبحها معتقدين أنّ الأرواح الطاهرة تحلّ في أجسادها ، وكثيراً ما نشأ في هذه العقيدة معارك بينهم وبين مسلمي الهند في العيد.
وهم يقدّسون الثعابين والتماسيح ، وغيرها ، ويعتبرون نهر (الغانج) مقدّساً ، وإنّ الانغماس فيه يطهّر الذنوب ، ولذا يحجّ إليه في كلّ عام ملايين منهم.
ومن عاداتهم إحراق موتاهم ، وإحراق المرأة مع زوجها الميّت ، ولكن الإنكليز أبطلوا هذه العادة بالقوّة.
الناس في ديانة البراهمة أربع طبقات : أُولاها : البراهمان ؛ وهم الكهنة والعلماء. وثانيها : الخاترياس ؛ وهم رجال الحرب وحماة الأوطان. وثالثها : البانيان ؛ وهم الزرّاع والتجّار. ورابعها : السودراس ؛ وهم أرباب الحرف والمهن الدنيئة.