ولكن أليس من الجائز القريب أن يكون جثمان الإنسان يحمل أو تحمل فيه عند مفارقته الحياة مواد من ناشرات الأوبئة التي لو أحسّت بحرارة النار تطايرت في الفضاء قبل أن تحترق فتأخذ مفعولها في نشر الأمراض وتلويث الهواء؟!
وكذا لو أُلقيت في البحار أو الأنهار تنمو وتشتدّ ، بخلاف ما لو دُفنت في التراب؟!
ولعلّ فيه موادّ من خاصيّتها تلف تلك الجراثيم المختلفة الأنواع ، التي لو انتشرت لأهلكت كلّ حيّ حتّى النبات.
وقد أيّد العلم الحديث هذه النظرية ؛ حيث اكتشف بعض علماء الغرب حسب ما نقل : أنّ في التراب مادّة تقتل مكروب كلّ مرض من الأمراض كالسلّ والتيفو والملاريا ، وغيرها.
ولولا تلك المادّة المعقّمة في التراب لانتشر من جسد كلّ ميّت أنواع من الأمراض تقضي بالفناء على كلّ الأحياء.
أو لعلّ إليه الإشارة بقوله تعالى : (ألم نجعل الأرض كِفاتاً* أحياءً وأمواتاً) (١) ،
لا ؛ فقد ذكر اللغويون أنّ معاني «الكفت» : الجمع والضمّ والإماتة ، يقال : كفته الله : أي أماته (٢) ..
فيكون المعنى المشار إليه في الآية : إنّ الأرض تجمع وتضمّ الأحياء ،
____________
(١) سورة المرسلات ٧٧ : ٢٥ و ٢٦.
(٢) المفردات ـ للراغب ـ : ٤٥١ ، أساس البلاغة : ٥٤٦ ، لسان العرب ١٢ / ١٧٧ ؛ مادّة «كفت».