ومدّها (١) ، وفيه دعاء جليل أوّله :
«اللّهمّ داحي الكعبةِ ، فالِقَ الحبّةِ ، وصارف اللزبة ، وكاشف الكُربة ، أسألك في هذا اليوم من أيّامك التي عظّمت حقّها ، وقدّمتَ سبقها ، وجعلتها عند المؤمنين وديعة ، وإليك ذريعة ...» إلى آخر الدعاء (٢).
وإليه إشارة بقوله تعالى : (والأرض بعد ذلك دحاها).
نعود فنقول أليست هذه الأرض حَرِية إذاً بالتقديس والكرامة والإجلال والعظمة ، وأنْ نسجد عبودية لله على النظيف منها ؛ تكريماً لها وشكراً لعظيم نعمته تعالى علينا بها ، وتنشيطاً للحركة الفكرية للانتقال من عظمتها إلى عظمة خالقها ، والتفاتاً إلى أنّها ـ مع عجز القول والأفكار والأيدي العاملة في تحليل جميع عناصرها ، واستخراج كلّ جواهرها ـ ليست هي بالنسبة إلى سائر الكرات والكواكب والأنظمة الشمسية التي أُحصي منها الملايين ـ وما أُحصي إلاّ اليسير منها ـ ما هي الاّ ذرّة تسبح في بحر الفضاء غير المتناهي؟!
فما أعظم الخالق؟! وما أدهش قدرته وعظمته ، وأبدع صنائعه وخليقته؟!
وكلّ ما ذكرناه من فضل هذه الكرة السابحة في بحر هذا الكون ، الذي لا ساحل له ، وهي الأرض ، معلوم وواضح.
كما أنّ من المعلوم الواضح أنّ هذه الأرض مع حدّتها ، وتساوي
____________
وأخرج عبد بن حميد ، عن عطاء ، قال : بلغني أن الأرض دحيت دحياً من تحت الكعبة ، انظر : الدرّ المنثور ٨ / ٤١٢ ، وقال اُميّة بن أبي الصلت :
دارٌ دحاها ثُمّ أعمر بابها |
|
وأقام بالاُخرى التي هي أمجد |
(١) تفسير الطبري ١٢ / ٤٣٩.
(٢) إقبال الأعمال ٢ / ٢٨ ، مصباح المتهجّد ـ للطوسي ـ : ٦٦٩.