أفلا يجوز أن تكون لتلك الطينة عناصر كيماوية تكون بلسماً شافياً من جملة من الأقسام قاتلة للميكروبات؟!
وقد اتّفق علماء الإمامية وتضافرت الأخبار بحرمة أكل الطين إلاّ من تربة قبر الحسين عليه السلام بآداب مخصوصة ، وبمقدار معيّن ، وهو أن يكون أقلّ من حمّصة ، وأن يكون أخذها من القبر بكيفية خاصّة ، وأدعية معيّنة (١).
ولا نكران ولا غرابة ؛ فتلك وصفة روحية من طبيب ربّاني ، يرى بنور الوحي والإلهام ما في طبائع الأشياء ، ويعرف أسرار الطبيعة ، وكنوزها الدفينة ، التي لم تصل إليها عقول البشر بعد.
ولعلّ البحث والتحرّي والمثابرة سوف يوصل إليها ، ويكتشف سرّها ، ويحلّ طلسمها ، كما اكتشف سرّ كثير من العناصر ذات الأثر العظيم ممّا لم تصل إليه معارف الأقدمين ، ولم يكن ليخطر على بال واحد منهم مع تقدّمهم ، وسموّ أفكارهم ، وعظم آثارهم.
وكم من سرّ دفين ومنفعة جليلة ، في موجودات حقيرة وضئيلة ، لم تزل مجهولة لا تخطر على بال ، ولا تمرّ على خيال ، وكفى بـ (البنسلين) (٢) وأشباهه شاهداً على ذلك.
نعم ، لا تزال أسرار الطبيعة مجهولة إلى أن يأذن الله للباحثين بحلّ رموزها ، واستخراج كنوزها ، والأُمور مرهونة بأوقاتها ، ولكلّ كتاب أجل ، ولكلّ أجل كتاب.
____________
(١) مسارّ الشيعة : ٣١ ، مصباح المتهجّد : ٧٣٤ ، قواعد الأحكام ٣ / ٣٢٩ ، الوسائل ٢٤ / ٢٢٦ ـ ٢٢٩ ح ١ ـ ٧ باب رقم ٧٦ ، المزار ـ للمشهدي ـ : ٣٦٣ ح ٩.
(٢) أحد المضادّات الحيوية ، تفرزها بعض سلالات الفطر المسمّى : (بنسليوم نوتاتوم) ، اكتشفه سير الكسندر فليمنج. راجع : الموسوعة العربية الميسّرة : ٤١١.