السجود لله عزّ شأنه ، ولكن على الأرض المقدّسة والتربة الطاهرة ، وسجود الملائكة كان لله ، وبأمر من الله تكريماً لآدم.
نعم ، فقد صار السجود على التربة الحسينية من عهد قديم شعاراً شائعاً لهذه الطائفة (الشيعية) ، يحملون ألواحها في جيوبهم للصلاة عليها ، ويضعونها في سجّاداتهم ومساجدهم ، وتجدها منثورة في مساجدهم ومعابدهم ، وربّما يتخيّل بعض عوامّهم أنّ الصلاة لا تصحّ إلاّ بالسجود عليها.
ومنشأ هذا الانتشار ، ومبدأ تكوّن هذه العادة والعبادة ، وكيفية نشوئها ونموّها ، وتعيين أوّل من صلّى عليها من المسلمين ، ثمّ شاعت وانتشرت هذا الانتشار الغريب ؛ هو : إنّ في بدء بزوغ شمس الإسلام في المدينة ، أعني في السنة الثالثة من الهجرة ، وقعت الحرب الهائلة بين المسلمين وقريش في «أُحد» ، وانهدّ فيها أعظم ركن للإسلام وأقوى حامية من حماته ، وهو حمزة بن عبد المطّلب ، عمّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخوه من الرضاعة (١) ؛ فعظمت مصيبته على النبيّ وعلى عموم المسلمين ، ولا سيّما وقد مثّلت به بنو أُمية ـ أعني به هنداً أُمّ معاوية ـ تلك المثلَة الشنيعة ، فقطّعت أعضاءه ، واستخرجت كبده فلاكتها ثمّ لفظتها (٢) ..
وأمر النبيّ نساء المسلمين بالنياحة عليه في كلّ مأتم (٣) ، واتّسع الأمر
____________
(١) راجع : المعجم الكبير ٣ / ١٣٨ ح ٢٩١٩ ، البداية والنهاية ٤ / ٣٣ حوادث سنة ٣ هـ.
(٢) تاريخ الطبري ١ / ٧٢ ، المنتظم ٢ / ٢٧٠ ، البداية والنهاية ٤ / ٣١ و ٣٣ ؛ حوادث سنة ٣ هـ.
(٣) لمّا رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من «أُحد» مرّ بدار بني عبد الأشهل ، فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم ، فذرفـت عينا رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبكى ، ثمّ قال : «لكنّ حمزة