الانحراف هو شبيه الانحراف الذي حصل في الديانة اليهودية والمسيحية ، وليس هو محض مسند القدرة في النظام الاجتماعي السياسي.
ثمّ إنّ من سيرة هارون عليه السلام تستخلص العبر ؛ إذ المحافظة على وحدة بني إسرائيل أوجبت عدم المصادمة المسلّحة بين فريقي الحقّ والباطل ، لكن الوحدة لم توجب ذوبان فريق الحقّ في فريق الباطل ، ولا تركهم للنصيحة والوعظ بأُسلوب المداراة ، والوحدة التكتيكية لم توجب إيقاف الإصلاح والأمر بالحقّ والنهي عن الباطل بأُسلوب الحكمة وطريق الموعظة الحسنة ، فضلا عن التنكر والريب في ثوابت الحقّ ، ولا استحسان الباطل وموادّته ، ولا كراهة الحقّ والازدراء به.
الوحدة وعناوين مختلطة :
ثمّ إنّه في بحث الوحدة هناك محور آخر يثار دائماً ويحصل الخلط المتعمّد فيه ..
عناوين : السبّ ، اللعن ، التولّي ، التبرّي ، المداراة ، الموادّة ، الاحترام ، التعظيم ، الخلق الحسن ، المحبّة ، الأدب ، تحرّي وكشف الحقيقة في الأحداث التاريخية للمسلمين ، الطعن على الآخرين ، وغيرها من العناوين التي تتداول ، هي موضوعات وأفعال مختلفة ، لكن يتوسّل بمفردات ألفاظ بعضها لإرادة بعضها الآخر تمويهاً ، ولكلّ منها حكم شرعي وعقلي وأخلاقي يختلف عن الآخر ، فترى بعضهم يدافع ـ بذريعة قبح السبّ ـ حتّى عمّن انحرف عن منهاج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ويتولاّه ، ويعظّمه ، ويتوادده عند ذكره ، ويجعل منه قدوة تحتذى.
فاللازم تحرير معاني هذه العناوين ، ثمّ بيان أحكامها :