وغير ذلك من مواقفهم عليهم السلام ومواقف أصحابهم ـ رضي الله عنهم ـ التي قد يُتخيّل أنّ فيها مصادمة مع الوحدة ، ولم يجدوا في الوحدة معنىً يطغى على الأمر بالحقّ والمعروف والنهي عن الباطل والمنكر ، أي على تولّي الحقّ والتبرّي من الباطل.
معنى وقوام الوحدة :
ويشير عليه السلام إلى الوحدة المعنية التي هي محلّ أهمّية في قوله عليه السلام : «وأيم الله لولا مخافة الفُرقة من المسلمين أن يعودوا إلى الكفر ويعود [يبور] الدين لكنّا قد غيّرنا ذلك ما استطعنا» (١) ، فهو عليه السلام يفسّر الفُرقة بمعنى اختلاف المسلمين عن الدين باختيار جملة منهم الخروج عن الإسلام واعتناق الكفر أو ديانة أُخرى ..
وبيانه عليه السلام هذا يفسّر قول هارون عليه السلام : (إنّي خشِيتُ أن تقولَ فرّقْتَ بين بني إسرائيلَ ولم ترقُبْ قَوْلي) (٢) ، أنّه بمعنى تفرّق بني إسرائيل عن دين النبيّ موسى عليه السلام لو اصطدم هارون معهم بالسلاح أو قاطعهم بمفارقتهم والخروج عنهم ، وهذا يوجب شدّة تعصّبهم وارتدادهم عن دين موسى عليه السلام ؛ إذ أنّ عبادتهم للعجل بتسويل السامري كانت بخداعه أنّ ذلك من شرع موسى عليه السلام : (فأخرجَ لهم عجلاً جسداً له خُوارٌ فقالوا هذا إلهُكم وإله موسى فنسي) (٣).
أمّا السبّ ، فقد تقدّم افتراقه عن اللعن ؛ إذ هو الفحش من القول
____________
(١) الأمالي ـ للشيخ المفيد ـ : ١٥٤ ـ ١٥٦ ح ٦.
(٢) سورة طه ٢٠ : ٩٤.
(٣) سورة طه ٢٠ : ٨٨.