كان يلعنهم في صلاته ويقنت عليهم (١).
وروى الحاكم عن عائشة أنّه قال صلى الله عليه وآله وسلم : «ستّة لعنتهم ، لعنهم الله وكلّ نبيّ مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذّب بقدر الله تعالى ، والمتسلّط بالجبروت ؛ فيُعزّ بذلك مَن أذلّ الله ويُذلّ مَن أعزّ الله ، والمستحلّ لحرم الله ، والمستحلّ من عترتي ما حرّم الله ، والتارك لسنّّتي» (٢).
وقال المحقّق الكركي في نفحات اللاهوت : «لا ريب أنّ اللعن هو الطرد والإبعاد من الرحمة ، وإنزال العقوبة بالمكلّف ، وكلّ فعل أو قول اقتضى نزول العقوبة بالمكلّف من فسق أو كفر فهو مقتضي لجواز اللعن» (٣).
نعم هذا حكم اللعن للظالمين والمعتدين في نفسه أو في الوسط الداخلي ، وأمّا أُسلوب دعوة الآخرين وإرشادهم فلا ريب أن يُتحرّى فيه مالا يثير عصبية الطرف الآخر ، كما ينبغي الالتفات إلى فلسفة اللعن في نفسه أو في الوسط الداخلي ؛ إذ أنّه مصداق لطبيعة التولّي والتبرّي ، التي مرّ أنّها فريضة قرآنية اعتقادية ، كما أنّه مصداق لطبيعة إنكار المنكر ـ ولو بالقلب واللسان ـ وكراهة الباطل ، وبالتالي فإنّه أُسلوب تربوي للنفوس يقيمها على الحقّ ويبعدها عن استحسان الباطل ، فإنّه من أكبر الأدواء في المجتمعات استنكار الحقّ واستحسان الباطل والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.
____________
(١) صحيح البخاري ٥ / ٣٥ باب : ليس لك من الأمر شيء.
(٢) المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ ١ / ٩١ ح ١٠٢.
(٣) نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت : ٤٤ ـ ٤٥.