تلك الفترات ، من تكثير لنسخ الكتب والمصادر المختلفة وتوزيعها في الأمصار ، فتمكَّن علماؤنا أن يستثمروا هذه الفرص السانحة ، فقاموا بنشر علومهم المختلفة ، التي هي الامتداد الطبيعي لعلوم أهل البيت عليهم السلام ، واستمر هذا الازدهار العلمي في رُقي ونمو إلى أوان ظهور المطابع.
ولذلك فعندما ظهرت المطابع شعر شيخنا بحساسية الموقع وعرف أنّ تحقيق وطبع المخطوطات عامل مهمّ وله فضل كبير في إحياء التراث وحفظ المخطوطات ونشرها ، فقام بإعداد بعض المصادر الشيعية الأصلية للطبع باستنساخها وتحقيقها وإخراجها بصورة تليق بالثقافة الاِسلامية ؛ شعوراً بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في خدمة أهل البيت عليهم السلام ونشر علومهم.
وقد شكر الله سعي أمثاله ـ ممّن أعطى ما أمكنه في سبيل نشر التراث الفكري للمسلمين ـ على لسان رسوله الأكرم صلى الله عليه وآله ؛ إذ قال : «المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم ، تكون تلك الورقة يوم القيامة ستراً فيما بينه وبين النار ، وأعطاه الله تبارك وتعالى بكلّ حرف مكتوب عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرّات» (١) ..
ويزداد الأمر أهمّيةً في ما يتّصل بأصحاب الولاية الاِلهية العظمى المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام ؛ فقد قال صلى الله عليه وآله : «من كتب فضيلة من فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم ، ومن نظر إلى كتابة من فضائله غفر الله الذنوب التي اكتسبها بالنظر» (٢).
____________
(١) بحار الأنوار ٢ / ١٤٤ ح ١.
(٢) بحار الأنوار ٢٦ / ٢٢٩ ح ١٠ ، ٣٨ / ١٩٦ ح ٤.