كما رغَّب عليه السلام في الكتابة قائلاً : «كتبوا ، فإنّكم لا تحفظون إلاّبالكتاب» (١) ..
وقال عليه السلام أيضاً : «أما إنّكم لن تحفظوا حتّى تكتبوا» (٢).
ثمّ ممّا أحسّ به شيخنا رحمه الله مشكلة تلف المخطوطات أو فقدانها ؛ لعلل وأسباب مختلفة ، لعلّ من أهمّها جمود حركة الاستنساخ ، وربّما تعطيلها أو ندرتها ؛ أثر الركود العلمي والثقافي الناجم عن الأوضاع الاجتماعية المختلفة ، والذي أدّى إلى وضع النسخ القديمة في معرض الزوال دون أن يستنسخ عليها نسخة جديدة تحفظها من الاندثار.
ولقد نهضت محاولات عديدة ومثمرة من أجل صيانة المخطوطات وحفظ متونها ، إحداها ما قام به الشيخ رحمه الله ، فقد تتبّع الكتب المخطوطة القيّمة أينما وجدت ، وقام باستنساخ بعضها وتحقيق بعضها الآخر ، في مدىً عميق من عمره المبارك ، استغرق أكثر من خمسين عاماً. منطلقاً من قول الاِمام الحسن المجتبى عليه السلام : «إنّكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين ، فتعلّموا العلم ، فمَن يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته» (٣) ، وقول الاِمام الصادق عليه السلام : «احتفظوا بكتبكم فإنّكم سوف تحتاجون إليها» (٤).
وقد مرّت فترات زمنية مهمّة في التاريخ شكَّلت انعطافة كبيرة في المجال العلمي ؛ نتيجة ما قدّمه النسّاخ من أعمال وجهود محمودة خلال
____________
(١) بحار الأنوار ٢ / ١٥٣ ح ٤٦.
(٢) بحار الأنوار ٢ / ١٥٣ ح ٤٧.
(٣) بحار الأنوار ٢ / ١٥٢ ح ٣٧.
(٤) بحار الأنوار ٢ / ١٥٢ ح ٤٠.