المثال ، ورجّح الكوفيون إعمال الأوّل ؛ لأنّه أسبق ذكراً ، فيقال على رأيهم : (ضربت وضربني زيداً).
والملاحظ : أنَّ النحاة طرحوا هذا البحث أوّل الأمر ، دون أن يجعلوا له عنواناً اصطلاحياً معيّناً ، ثمّ استعملوا كلمة «الاِعمال» عنواناً له ، قبل أن يستقرّ بناؤهم على استعمال مصطلح «التنازع» ..
قال سيبويه (ت ١٨٠ هـ) : «هذا باب الفاعلين والمفعولين اللّذين كلّ واحد منهما يفعل بفاعله مثل الذي يَفْعَلُ بهِ ، وما كان نحو ذلك ، وهو قولك : ضربتُ وضربني زيدٌ ، وضربني وضربتُ زيداً ، تحملُ الاسم على الفعل الذي يليه ، فالعامل في اللفظ أحدُ الفعلين ، وأمّا في المعنى فقد يعلم أنَّ الأوّل قد وقع ، إلاّ أنّه لا يعمل في اسم واحدٍ نصب ورفع» (١).
وقوله : «وما كان نحو ذلك» إشارة إلى أنّ بحث التنازع لا يختصّ بما إذا كان العامل فعلاً ، بل يشمل ما يعمل عمل الفعل من الأسماء ، كما سيتّضح من خلال البحث.
وقوله : «أن الفعل الأوّل قد وقع» يعني وقوعه على المعمول من جهة المعنى.
وقال المبرّد (ت ٢٨٥ هـ) : «باب من إعمالِ الأوّل والثاني ، وهما الفعلان اللذان يعطف أحدهما على الآخر ، وذلك قولك : ضربتُ وضربني زيدٌ ، ومررتُ ومرَّ بي عبـدُالله ...
فهذا اللفظ هو الذي يختاره البصريون ، وهو إعمال الفعل الآخر في اللفظ ، وأمّا في المعنى ، فقد يعلم السامع أنَّ الأوّل قد عمل كما عمل الثاني فحذف لعلم المخاطب ...
____________
(١) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبـد السلام هارون ١ / ٧٣ ـ ٧٤.