ولايمكن لأحد (١) إنكاره إلاّ من يرتكب طريقة البهت ومكابرة العيان.
وأمّا وجه دلالته على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، فهو : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لمّا قرّر ثبوت ولايته بقوله : «ألست أوٌلى بكم من أنفسكم» عطف على ذلك قوله : «فمن كنت مولاه فعليّ مولاه». و «مولى» في اللغة بمعنى «أوْلى» (٢) ، فيجب أن نحمل عليه كلامه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم. والأوْلى هو الأحقّ والأملك ، وذلك معنى الاِمامة.
أمّا إنّ لفظة «مولى» تستعمل في اللغة بمعنى «أوْلى» فيدلّ عليه قوله تعالى ، في قصّة أهل النار : (مأواكم النار هي مولاكم) (٣) ومنه قول لبيد :
فَغَدت كلا الفَرجَين (٤) تحسبُ أنّه |
|
مولى المخافة خلفُها وأمامُها (٥) |
بمعنى : أوْلى بالمخافة.
وأمّا إنّه يجب أن نحمل عليه كلام الرسول صلّى الله عليه [وآلهج وسلّم ، فالذي يدلّ على ذلك : أنّا متى حملنا لفظة «مولى» التي في الخبر على معنى «أوْلى» كان الكلام مرتبطاً بعضه ببعض ، فيكون أكمل للمعنى ، وأتّم للنظم ، وأحسن للاتّصال ، وذلك هو الواجب في كلام الفصحاء ..
____________
الخطّاب ، عثمان بن عفّان ، طلحة بن عُبيد الله ، الزبير بن العوّام ، سعد بن أبيوقّاص ، سعيد بن زيد ، عبـد الرحمن بن عوف ، أبو عبيدة عامر بن الجرّاح.
راجع : سنن الترمذي ٥ / ٦٤٧ كتاب المناقب ـ باب ٢٦ ح ٣٧٤٧ و ٣٧٤٨.
(١) في الأصل : أحد ؛ والصحيح ما أثبتناه.
(٢) يقول إسماعيل بن عبّاد في كتابه المحيط في اللغة ١٠ / ٣٨٠ : و «المولى» تكون بمعنى الأوْلى ، كقوله تعالى : (هيَ مولاكم) ، أي : هي أوْلى بكم.
(٣) سورة الحديد ٥٧ : ١٥.
(٤) الفرجين : مفرده الفَرْج ، وهو : المخُوف ـ أي الواسع ـ ؛ راجع : تهذيب اللغة ١١ / ٤٥ ، ومقصوده هنا : الواسع من الأرض والثغر.
(٥) ديوان لبيد : ١٧٣.